منذ قرابة 300 سنة أصبحت الأوراق النقدية عملات قانونية تقبل في عمليات الشراء والبيع، لكن في الآونة الأخيرة أصبحنا على نطاق أوسع في طريقنا إلى عالم بلا أوراق نقدية. فتوجد تطبيقات ومنصات للدفع بواسطة الهاتف، يبدو أن الأوراق النقدية في طريقها لأن تُستبدل ببدائل رقمية، مثلما حدث مع الصور الفوتوجرافية، وأشرطة الكاسيت، وأقراص الفيديو الرقمية.

أثارت التقلبات الاقتصادية حول العالم المخاوف من قيام المستهلكين بسحب أموالهم من البنوك وادخارها، ويعتبر إلغاء الأوراق النقدية إحدى الوسائل للحد من هذا الخطر. وأوضحت دراسة أجرتها شركة ماستر كارد (MasterCard) أن النقود الورقية تُستخدم فيما يقرب من 85% من المعاملات المالية للمستهلكين حول العالم. ومع كون النقود الورقية لا يمكن تعقبها، لذلك فإنها تعطي الكثيرين شعورا بالأمان، وبالاستقلال عن رقابة الحكومة. كما أن ازدياد معدلات الجريمة الإلكترونية، إلى جانب المخاوف من قدرة الهيئات الحكومية على الاطلاع على السجلات الرقمية، يعتبران سببين رئيسيين في رفض كثير من الناس إلغاء النقود الورقية، بحسب ما ذكره  تقرير الدراسة.

ولكن الانتقال لمجتمع بلا نقود ورقية لا يمكن أن يتم بشكل موحَّد وعالمي، فبينما تدعم السويد مثلا فكرة إلغاء النقود الورقية، جنبا إلى جنب مع مجموعة أخرى من الدول تشمل الصومال وكندا وكينيا وكوريا الجنوبية، يطالب مواطنو بعض الدول الأوروبية، نتيجة للوائح الاتحاد الأوروبي التي تقيّد استخدام النقد، بـ"حقهم الدستوري في الدفع نقدا"، وذلك بسبب مخاوفهم من معدلات الفائدة السلبية، وفقدان الخصوصية في حالة استخدام الأموال الرقمية.

وقد كان التحول في بعض الدول إلى استخدام الأموال الرقمية سريعا بدرجة غير مسبوقة. على سبيل المثال، كان الدفع النقدي عند الاستلام يمثِّل أكثر من ثُلثيّ الأموال المدفوعة في التجارة الإلكترونية في الصين في عام 2009. الآن –بفضل وجود شركات مثل "بايدو" و"علي بابا" و"تينسنت"-  فإن أكثر من 70% من معاملات التجارة الإلكترونية في الصين تتم من خلال الدفع عبر الهاتف.

كما أن هناك دولا، مثل الولايات المتحدة، وهولندا، واليابان، وألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وإسبانيا، وجمهورية التشيك، والصين، والبرازيل، لديها إمكانية أفضل للاستغناء عن الأموال النقدية. على سبيل المثال، تتحمل الولايات المتحدة تكلفة تصل إلى 200 مليار دولار سنويا للحفاظ على النقد المتداول، إضافة إلى أن حوالي ثُلث مبيعات المتاجر في الولايات المتحدة تعتمد على النقد. 

وذكر الكاتب في نهاية التقرير أن الدول المتطورة رقميا هي الأكثر جاهزية للتحول إلى البدائل الرقمية للنقود، وأن الدول الأقل تطورا رقميا بحاجة إلى الاستثمار في التطوير الرقمي أولا، إذ إنه أمر حاسم للنجاح في الاستغناء عن النقود الورقية.