انتهت الإجازة وقد كانت طويلة، بالنسبة للبعض كانت معاناة مع الأبناء لأنهم لم يخططوا مسبقا كيف سيتم قضاء الإجازة وملئها بكل ما هو مفيد ومثمر، وبالوقت ذاته لا يخلو من الترفيه والتسلية، أما من قام بذلك فقد انتهى من الإجازة بروابط أقوى إضافة إلى ما تم بناؤه وتعزيزه من المهارات والقدرات لدى الأبناء، ومن هذه النقطة سوف ينطلقون إلى عام دراسي بسلاسة إن هم استمروا على نفس النهج من التخطيط المسبق والتأهيل والمتابعة.

لا يجب أن ننظر للمدرسة على أنها المنقذ لأولياء الأمور بعد كل إجازة خاصة إن كانت طويلة، بل هي استمرار لما تم بناؤه في المنزل الذي هو الخط الموازي الذي يدعم ويرتقي بما يكتسبه الأبناء داخل أسوار المدارس. لنعلم أن المسؤولية لا تنتهي بدخول الابن بوابة المدرسة، فهذه البوابة ليست له فقط بل لنا أيضا كي ندخل ونستفسر ونبحث عن طرق التواصل والمشاركة بحيث يدرك الابن/ الابنة أننا معهم في كل خطوة من مسيرة التعليم، وتدرك الإدارة أيضا أننا جزء مساند ولسنا أدوات عقاب تُستدعى كلما أخطأ أو تأخر الابن في الدراسة أو حاد عن السلوك السليم.

بعض أولياء الأمور سوف يواجهون تمردا أو رفض العودة إلى المدارس، والأسباب مختلفة طبعا، قد تكون من جراء الخوف من التعامل مع المجهول بالنسبة لمن يدخل المدارس لأول مرة، أو الخوف من التعامل مع مدرسين وزملاء جدد بالنسبة لمن تحول إلى مدرسة أو صف جديد، أو قد يكون السبب خبرة سلبية في العام السابق، أو حتى رغبة في إطالة الإجازة والتمسك بكل ما تعنيه من استيقاظ متأخر وسهر وراحة من ضغوط الاختبارات والمذاكرة. تعددت الأسباب ولكن الناتج واحد؛ قلق ومقاومة العودة إلى المدرسة.

يمكننا مساعدة الأبناء على تخطي هذه المخاوف بالحوار معهم عن مشاعرهم عن مخاوفهم: "بماذا تشعر؟ ما الذي يقلقك؟ ساعدني كي أفهم ما الذي يدور بداخلك حتى نستطيع سويا أن نتعاون لنصل إلى ما سوف يساعدك على مواجهة هذا التحدي"، لندعوهم أيضا إلى التفكير في وضع الحلول، مثالا لنسأل: "هل لديك أي أفكار؟ كيف يمكن أن نجعل الأسبوع الأول من المدرسة سهلا وممتعا؟ هل يمكن أن نترجم هذه الأفكار إلى خطة يومية؟ ماذا نحتاج من أدوات أو استعدادات حتى نتمكن من ذلك؟"، التركيز هنا أننا نأخذ بأيديهم خطوة بخطوة كما أنا نترك لهم فسحة لاتخاذ القرار والتنفيذ بما يسمح لبناء الثقة لديهم للتحرك والتفاعل.

ويمكن فيما بعد لضمان استمرارية التواصل وبناء الثقة أن يقوم ولي الأمر بتحديد حائط في المنزل ويقسمه إلى أجزاء على عدد الأبناء لتعليق إنجازات كل ابن/ابنة؛ قد يكون رسما، موضوع إنشاء، تقريرا ممتازا، شهادة تقدير، المهم أي شيء يأتي به الابن من المدرسة وهو سعيد به، فإن لم تستطع تعليقه يمكن تصويره ووضع الصورة، ومن هنا نساعدهم على التركيز على الجوانب الإيجابية من التعليم، وهم سعداء بمتابعة ملء قسمهم من الحائط، وبنفس الوقت نؤكد لهم اعتزازنا وفخرنا بكل ما يحضرونه من إنجاز، بمعنى أننا نساعدهم على ربط المنزل بالمدرسة بطرق إيجابية وتفاعلية.

ومع بدء العام الدراسي لنتذكر أنه ليس كل طفل يتعلم بنفس الطريقة التي يتعلم من خلالها طفل آخر، هنالك تفاوت في القدرات والمهارات وحتى طرق التجاوب مع المعلومات، ولكن بنفس الوقت كل طفل لديه موهبة ما أو عدة مواهب حسبما حدده وعرفه لنا "جاردنر" حين تحدث عن أنواع الذكاء، كيف يمكننا مساعدة الابن على التوصل إلى بناء وتحقيق إمكاناته؟ نبدأ بمعرفة ما الذي يزعجه؛ هل يشعر بأن ما يقدم له صعب أن يفهمه، أم هو بسيط لدرجة الملل؟ هل يهتم بالدرجات أو يخشى الفشل؟ المهم هنا أن نتعرف على كيفية توصيل أو ربط المادة الدراسية بحياته اليومية، وحين نفعل ذلك نبدأ من ثم في مساعدته على التزود بالأدوات اللازمة للتفاعل الإيجابي الذي سيسهم في النجاح. يجب ألاّ نضيع شعلة الحماس عندهم ونبقيها مشتعلة فمن خلالها يستمر اهتمامهم وينمو شغفهم بالتعلم، كما أن مساعدتهم على التعرف على نوع الذكاء الذي لديهم والعمل على تنميته سوف تكون أكبر داعم لذلك.

لنشجعهم على طرح الأسئلة حتى يتم فهم الموضوع أو المعلومة، ولنردد عليهم أنه: "ليس عيبا ألا يكون لديك الإجابة عن كل سؤال ولكن القوة هي أن تسأل حتى تفهم"، ولنخبرهم بأن الحياة غالبا لا تمدنا بالنتائج التي نتوقعها ولكن ما يجب أن نركز عليه هو المجهود ونوعية العطاء والتفاعل والبقية تأتي مع الوقت؛ فالمتعة تكمن في الرحلة أكثر من نهايتها، ولنعلمهم أيضا أن يحولوا كل تحد سواء في المدرسة أو الحياة إلى فرص للتعرف على كيفية الاستخدام الأفضل للعقل كي يتمكن من التعامل مع التحديات، وأن كل ما هو حولنا من بشر أو أحداث، سواء في المدرسة أو البيت أو المجتمع هو أيضا تجارب تسهم في بناء الخبرات وبالتالي مخزون التعلم.