شدني الفرح الكبير الذي عاشته البلاد بأسرها، وعاشه معها المواطنون، والمقيمون، من عصر الأربعاء الماضي، حتى فجر السبت، بمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني الـ86 للمملكة العربية السعودية.

الجمعة الماضية كان يوما وطنيا بامتياز، وكان فرصة جميلة لترسيخ الانتماء للوطن، والولاء للمليك، وفرصة للاعتزاز بالقيم الوطنية، وفرصة لشكر الله -سبحانه وتعالى- على ما أنعم به على وطننا من نعمه العظمى، ومن أجلّها الأمن والأمان والاستقرار.

اليوم الوطني حالة عامة، من البهجة السعودية على كافة المستويات، مفادها أن وحدة بلادنا وتماسكها التي أقامها جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله رحمة واسعة- على أسس قويمة، لا يصح لأي كائن منا أن يحيد عنها، ولو قيد أنملة، كما يقولون.

هذه الأسس التي اعتمدها جلالة الملك الموحد، منثورة في خطاباته، وفي سيرته، ومسيرته العطرة، ومن ذلك؛ أن التاريخ يشهد بأنه -رحمه الله- قال في مثل هذا الشهر، وتحديدا في 21 ذي الحجة، قبل 93 سنة:

"إني لا أريد علوا في الأرض ولا فسادا، ولكن أريد الرجوع بالمسلمين إلى عهدهم الأول، عهد السعادة والقوة، عهد الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان؛ لا شيء يجمع القلوب ويوحّدها سوى جعل أهوائنا تبعا لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا بقعة في الأرض تصلح لهذا الغرس سوى هذه البقعة الطاهرة التي منها بزغ شمس الإسلام. إننا لا نُكره أحدا على اعتناق مذهب معين، أو السير في طريق معين في الدين، فذلك موكول أمره لعلماء الدين وحملة الشريعة، ولكني لا أقبل بحال من الأحوال التظاهر بالبدع والخرافات التي لا يعتبرها الشرع وتأباها الفطرة السليمة؛ لا يُسأل أحد عن مذهبه أو عقيدته، ولكن لا يصح أن يتظاهر أحد بما يخالف إجماع المسلمين، أو يثيروا فتنة عمياء بين المسلمين، وخير لنا أن ننظر إلى صالح المسلمين، ونترك هذه الأمور الجزئية للعلماء فهم أحرص منا على ذلك".

هذا البيان، أنموذج واضح على الخطوط الخضراء والحمراء لكل من يريد الخير لمستقبل بلادنا؛ فمن يُكره أحدا على مذهب ما، أو يُلزم أحدا بالسير على طريقته في التدين، أو يسأل أحدا عن مذهبه، أو يفتش عن عقيدته، أو يتظاهر بالبدع والخرافات غير المعتبرة شرعا وعقلا، هو مخالف للنهج الذي ارتضاه والدنا لمستقبلنا، وعليه أن يترفع عن هذه الجزئيات التي لا تنتج إلا الفتن.

أدام الله الأمن والاستقرار والسؤدد لبلادنا، وحفظ الله لنا مليكنا، وقيادتنا، وجمع شملنا على البر والخير.