أكد خبراء ومحللون سياسيون فلسطينيون أن القراريْن الأخيرين اللذين اعتمدتهما منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، بشأن القدس، يعدان ضربة "رمزية" لإسرائيل.

لكنهم أوضحوا أن القراريْن بلا "أبعاد عملية"، ولن يدفعا إسرائيل إلى تغيير سياستها في المدينة المقدسة على الأرض، نظرا لكونهما غير ملزميْن.

وصادقت "لجنة التراث العالمي" في اليونسكو الأربعاء الماضي، لصالح قرار جديد حول "البلدة القديمة في القدس وأسوارها"، يؤكد على "عدم شرعية أي تغيير أحدثته إسرائيل في بلدة القدس القديمة ومحيطها"، وعلى طابعها الفلسطيني.

وسبق القرار، اعتماد المجلس التنفيذي لليونسكو، في 18 أكتوبر، لقرار "فلسطين المحتلة" الذي نص على "وجوب التزام إسرائيل بصون سلامة (المسجد الأقصى/الحرم الشريف) وأصالته وتراثه الثقافي وفقاً للوضع التاريخي الذي كان قائماً، بوصفه موقعاً إسلامياً مقدساً مخصصاً للعبادة".


قوة الأمر الواقع

يقول سعيد زيداني، المحاضر في جامعة القدس، (أهلية ومقرها في بلدة أبوديس قرب القدس) والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن القرارين أزعجا إسرائيل كثيرا، وأفرحا الفلسطينيين والعرب والمسلمين. لكنه استدرك:هذه القرارات ليس لها أبعاد عملية، وبالتالي لن يكون لها تأثير على ما يجري على الأرض في الحرم القدسي الشريف والقدس الشرقية المحتلة".

وتابع: "هي ستكون كما قرارات الأمم المتحدة التي تم تبنيها منذ عام 1948 غير ملزمة من حيث التطبيق". وأكمل: "إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، تفرض ما تريد، فهي لا تأخذ بالاعتبار مشاعر الطرف الآخر، وهي متأكدة أنه في نهاية الأمر، فإنه لا توجد عقوبات تترتب على عدم تنفيذ هذه القرارات".


رمزي فقط

يرى عميد كلية الآداب، بجامعة الأمة في قطاع غزة، والباحث في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبوعامر

أن القرار لا يُلزم إسرائيل، ويظل رمزيا. لكنه أضاف: رغم ذلك، فهو لا يصب في مصلحة إسرائيل، خاصة إذا تراكمت مثل هذه الخطوات، وتابع: "إن ما صدر عن اليونسكو يعتبر سابقة تاريخية وقانونية".

وأكمل: لقد أحدث صخبا واسعا في إسرائيل، وهناك مخاوف كبيرة من تداعيات هذه القرارات الأممية، وهناك استنفار سياسي لدى الدبلوماسية الإسرائيلية، فهي تدرك خطورة تبني مؤسسات دولية لمثل هذه الخطوات".

أما إبراهيم المدهون، رئيس مركز أبحاث المستقبل بغزة، (غير حكومي)، فيرى أن إسرائيل منزعجة من القرار، رغم أنه "غير ملزم".

وأضاف: "القراران خطوة إيجابية لصالح الحق الفلسطيني، لقد أحدثا صدمة لدى إسرائيل من التغييرات الدولية".

ووصف المدهون القرارين-رغم عدم إمكانية تطبيقهما على الأرض-بأنهما، إنجاز عربي وفلسطيني، ويشكل رافعة قوية في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين. وأثارت قرارات اليونسكو غضب مختلف القطاعات في إسرائيل، معتبرين أنها مست العقيدة اليهودية هذه المرة.


غضب إعلامي

يرى مراقبون أن إسرائيل تنظر إلى مؤسسات الأمم المتحدة باعتبارها "ساحة مؤيدة للفلسطينيين".

وهيمنت قرارات "اليونسكو" على عناوين وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية، وتناولت في تقاريرها تفاصيل هذه القرارات، واتفقت على أن القرارين ينفيان صلة اليهود بجبل الهيكل، في إشارة إلى المسجد الأقصى.

وكتب درور أيدر في صحيفة "يسرائيل هيوم"، المؤيدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي: المهزلة التي تجتمع في إطارها منظمة يفترض أن تمثل كل دول العالم، هي في التجاهل الفظ للوجود اليهودي الديني والتاريخي على الجبل، وبالتالي تشكل ناقوس يقظة لنا جميعا".

من جانبه، يقول مسؤول فلسطيني كبير، إنّ إسرائيل مارست الضغط والابتزاز ضد الدول الأعضاء في لجان اليونسكو المختلفة، وهو ما انعكس على الدول الأوروبية، التي خشيت اتهامها باللاسامية فامتنعت عن التصويت.

غير أن المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، استدرك قائلا: ما يهم في نهاية الأمر هو تمرير القرارات، فصحيح أن الدول الأوروبية امتنعت بشكل كبير عن التصويت، إلا أنها لم تعارض، وهذا هو المهم، وهذا ما أدى فعلا إلى نجاح القرارات".