رؤية المملكة 2030 تمثل استراتيجية طموحة بكل المقاييس قادرة على أن تسهم وبشكل فعال في بناء حضارة عملاقة وتفتح باب الأمل لدى من يقول إننا لازلنا أمة خارج النسق الحضاري. وما دفعني للكتابة عن هذه الرؤية برغم ما كتب عنها من عدة أقلام أسباب لعل من أهمها هو خيرية الأمة وأن الله اصطفاها لخدمة الدين والإنسانية من حيث توفر الروح الإيمانية، وفكرة المبادرة واهتمام القيادة بها ودعمها وتبنيها، وحماس ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لهذه المبادرة برغم مسؤولياته الجسام في ظل وضع عربي لا يخفى على أحد. أننا مجتمع يملك كل المقومات لنجاح هذه الرؤية من حيث توفر الروح الإيمانية والمكان الجغرافي والثروات الطبيعية والاقتصاد المتين وكفاءة الموارد البشرية وهذه في الغالب لا تتحقق لأي شعب في العالم. وفرحة المجتمع السعودي بهذه الرؤية وتفاؤلهم بما ستحدثه من نقلة نوعية لهذا البلد الطاهر وأهله لاسيما أن هذا الشعب يكن لقيادته كل الولاء والحب.

ومن هنا نبدأ الحديث بتسلسل منطقي كمدخل للموضوع أن الله خلقنا على هذه الأرض في المقام الأول للعبادة وفي المقام الثاني لاستخلاف الله الإنسان للأرض وتعميرها حيث قال الله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) بل وكرم الإنسان عقلاً وروحاً بأن تسجد لهٌ الملائكة. ومن هنا نستشعر أن علينا واجب رباني وواجب وطني أيضاً بأن نقف موقف التحدي المادي والفكري والثقافي أمام الدول التي تمتلك القوه بكافة مجالاتها المادية والمعنوية والهيمنة، التحدي الذي لا يصل إلى حد الصراع وإنما للانطلاق من خلال تمثل الإنسان المسلم للوحي والسنة واستخدام العقل بالتوازن في الفكر والسلوكيات باعتبار الإسلام هو القوة المحركة للتقدم الحضاري المنشود فديننا الحنيف دين بناء وليس دين هدم بل ويفتح أبواب الأمل والسعادة والرفاهية المنضبطة بالضوابط الشرعية وهو كذلك صالح لكل زمان ومكان وقد أسس مجتمعاً يملك الطاقات الدينية والأخلاقية والثقافية والمادية .ويستطيع بكل فاعلية المشاركة في تحقيق نجاح هذه الرؤية المباركة ولعل من عوامل نجاح هذه الاستراتيجية الطموحة. في ظني أن تبدأ من القاعدة فالأفراد هم مكون المجتمع فمتى ما تبنى وتنفس هذا الحلم عاشه وتحمس للعمل الجاد، أي تهيئة البيئة التي تحتضن تلك الاستراتيجية فعلى كل المؤسسات بالدولة تثقيف افرادها من خلال فِرق عمل توضح المسؤوليات والواجبات المنوطة بها . ليس من خلال التعاميم فقط التي قد لا يستوعبها البعض وإنما من خلال التطبيق العملي كورش عمل كلاً فيما يخٌصه ويٌقدم هذه الورش من قبل خبراء لهم سيرة ذاتية وخبرة عالية في هذا المجال . ابتداءً من نوادي الحي والمدارس إلى أعلى المستويات الإدارية. كما أن على الإعلام دور كبير جداً في إبراز أهمية حاجتنا إلى هذه الاستراتيجية وتوعية المجتمع بأهمية الدور المناط به من خلال تقديم برامج ذات عمق وممارسة مهنية عالية. فنحن أمام مرحلة مفصلية تستدعي تهيئة المجتمع بكل الطرق من خلال النظر بجدية وشفافية عالية نحو إعادة صياغة أفكاره وتحديث الياته بما يناسب العصر وعدم السماح بالتهاون والتقاعس كي نحقق الهدف السامي بكل أمانة وإخلاص وعزيمة وإصرار حتى نقدم لأنفسنا وللعالم تجربة علمية وعملية نفتخر بها بكل ثقة واقتدار لنثبت للجميع أننا قادرون على قهر المستحيل.