وصفت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، انسحاب ثلاث دول إفريقية من المحكمة بالتراجع، وعبرت في نفس الوقت عن أملها في مواصلة المحكمة لمهامها في القارة الإفريقية. وشددت بنسودا في أول تعليق لها على إعلان بوروندي، وجنوب إفريقيا، وغامبيا، انسحابهم من المحكمة، على أن الانسحابات لا تعني هزيمة المحكمة، وتكون على وشك الإغلاق، مضيفة أنها لا تعتقد أن على الاتحاد الإفريقي أن يغلق أبوابه في وجه المحكمة، لافتة إلى أن الدول تتشارك نفس القيم فيما بينها، مثل السلام، والأمن، والاستقرار، والعدالة. وأضافت أن مواصلة تحقيقات المحكمة في إفريقيا وخارجها "أمر أساسي".
وكان قرار الدول الثلاث بالانسحاب من نظام روما المؤسس للمحكمة، قد أثار مخاوف من حركة خروج أكثر اتساعا في القارة السمراء، التي يتهم عدد من مسؤوليها السياسيين المحكمة بالانحياز والتركيز دائما على ملاحقة رؤسائها ومسؤوليها.
انتقادات المحكمة
تعتبر محكمة الجنائية الدولية، هي أول محكمة دولية دائمة، مكلفة بملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة والعدوان، وفتحت 10 تحقيقات منذ إنشائها في عام 2003، تسعة منها في القارة الإفريقية.
ونشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية، تقريرا عن انسحاب بعض الدول الإفريقية من المحكمة، وتوقعت مزيدا من الانسحابات، بسبب التركيز على القادة الأفارقة في أغلب قضاياها. وأشار التقرير إلى أن انسحاب بوروندي من المحكمة، كان محاولة لتفادي التحقيق في العنف السياسي الذي استمر أكثر من عام، بعد قرار رئيسها، بيير نكورونزيزا، الترشح لفترة رئاسية ثالثة، فيما كان انسحاب جنوب إفريقيا، وهي الدولة القائدة في القارة وأقوى المؤيدين للعدالة الدولية، صفعة أخرى وإضرارا أكثر بالمحكمة الدولية.
انتقاء المحاكمات
أكد التقرير أن المحكمة لم تحاكم منذ عقد سوى القادة الأفارقة، حتى أن محاكمة الرئيس اليوغسلافي الأسبق، سلوبودان ميلوسوفيتش، تمت في محكمة خاصة، بعيدا عن الجنائية الدولية، الأمر الذي زاد من الاتهامات ضد المحكمة بانحيازها وانتقائها للأفراد والمسؤولين دون تحقيق التوازن المطلوب. وأضاف التقرير أن القادة الأفارقة كانوا أكثر الزعماء تأييدا للمحكمة جزئيا، بسبب الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في رواندا عام 1994، مؤكدا أن مجلس الأمن الدولي استخدم سلطاته، لإحالة بعض القضايا المتعلقة بدول ليست أعضاء في المحكمة مثل السودان، وليبيا، في حين لا يمكن للمجلس إحالة قضايا دول كبرى مثل أميركا، وروسيا، والصين، للمحكمة بسبب تمتع هذه الدول بحق النقض في المجلس.
وأشار المدعي السابق في مكتب الادعاء بالمحكمة جيمس غولدستون، إلى أن مشكلة المحكمة تكمن في عدم حل المشكلات والأزمات على قدم المساواة، وأن هذا السبب قد دفع بالكثير لانتقادها ولومها على أفعالها، في حين يرى مراقبون أن الدول الإفريقية المرجح انسحابها، على خطى الدول الثلاث، هي كينيا وناميبيا، بينما في المقابل، هنالك دول تدافع عن المحكمة بشكل كبير مثل بوتسوانا والسنغال وتونس.