قالت دراسة حديثة إن الهجمات الإرهابية الأخيرة التي نفذها أفراد متطرفون في عدة بلدان من العالم والمستوحاة من أيديولوجية تنظيم داعش، تسلط الضوء على تهديد دائم يتبناه هذا التنظيم، مشيرة إلى أن هناك حاجة ماسة إلى جهود موحدة وجادة لمواجهة هذا التهديد ببث رسائل تخاطب الجمهور المستهدف لمكافحة هذه الأيديولوجية. 

وأضافت الدراسة أن موجة الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء آسيا التي نسبها تنظيم داعش إليه خلال رمضان الماضي، أفسدت روحانية هذا الشهر المبارك، لافتة إلى أن تلك الهجمات التي شملت عدة مدن في مختلف أنحاء العالم الإسلامي من بينها إسطنبول وبغداد ودكا وجاكرتا، فضلا عن "المدينة المنورة"، هي هجمات إرهابية منسقة.

وأشارت الدراسة التي أعدها الأستاذ بكلية راجاراتنام للدراسات الدولية "RSIS" بجامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة، محمد علي، إلى أن الهجمات الإرهابية التي نفذتها الجماعات المتطرفة في رمضان الماضي ليست جديدة، فلتنظيمي داعش والقاعدة تاريخ من شن الهجمات في العراق خلال الشهر الكريم، مبينة أن الهجمات التي نُفذت في هذا الشهر هي الأسوأ من حيث تكرارها وشدتها واختيار المواقع، خاصة تلك الهجمات التي وقعت في ثلاثة مواقع في ثاني أقدس مدينة في الإسلام، وهي المدينة المنورة، حيث انفجرت أربعة تفجيرات انتحارية أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل، وكان أحد المواقع قريبا من المسجد النبوي.


مزاعم باطلة

تتطرق الدراسة إلى أيديولوجية التنظيم التي تزعم بالباطل أن شهر رمضان هو شهر الكفاح المسلح للمسلمين، مستندة في ذلك إلى معركة "بدر"، المعركة الأولى في صدر الإسلام التي وقعت في رمضان، وانتصر فيها المسلمون على أعدائهم الوثنيين من أهل قريش في مكة المكرمة.

وتبين الدراسة في هذا السياق خطورة هذا القياس من قبل متطرفي داعش، لافتة إلى أن معركة بدر كانت ضد وثنيين، بينما هجمات داعش على مدن إسلامية وقعت في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، والتي تتخللها ليلة القدر، حيث يقوم المسلمون خلالها بصلاة الليل "التهجد" ويواصلون فيها الدعاء إلى الله. 

 


فهم التوجهات


دعت الدراسة إلى ضرورة فهم توجهات تنظيم داعش الدينية، مبينة أن التنظيم يحاول فرض نفسه على أنه ممثل الإسلام الأصيل كما مارسه المسلمون الأوائل بالتقيد الصارم، والجهاد، والاستشهاد، والهجرة وغير ذلك للتأثير على الشباب المسلم للانضمام إلى صفوفه، لافتة إلى أن داعش ورث أيضا تركة تكفير المسلمين بتأويل آيات ونصوص وسير يستند إليها التنظيم بقراءة مشوهة لتبرير سلوكه الوحشي.

وقالت الدراسة إنه "من الأهمية بمكان أن ندرك أن لدى داعش قوة لا تكمن فقط في قدراته العسكرية وإنما أيضا في أيديولوجيته ودعايته. وهذا أمر بالغ الأهمية لأخذه في الاعتبار في أي جهود تبذل لمكافحة الإرهاب".


استهداف 3 فئات 

ترى الدراسة أن هناك ثلاث مجموعات مستهدفة في جهود مكافحة أيديولوجية داعش وهي:

 


المجموعة الأولى

 تتمثل في أولئك الأفراد المتأثرين بداعش الذين يتم القبض عليهم من قبل السلطات. وتقول الدراسة إنه من أجل محاربة التطرف ينبغي تصحيح أي سوء تفسير للمفاهيم الإسلامية التي كانوا يتبعونها وتحقيق مشاعر حقيقية بالندم والتوبة، كذلك إزالة الدوافع التي ورطتهم في أنشطة متطرفة تتعلق بالإرهاب.

 


المجموعة الثانية

تتمثل في المجتمع ككل، حيث يحتاج المجتمع المسلم إلى أن يكون على علم بأبرز مخاطر أيديولوجية داعش. وترى الدراسة أن أكبر التحديات تتجسد في تثقيف الجماهير، خاصة الشباب منهم وإشراكهم في معركة الأفكار ضد أيديولوجيات داعش المنحرفة. 

 


المجموعة الثالثة

تضم أعضاء داعش وأنصاره أنفسهم. وحسب الدراسة فإن جهود مكافحة التنظيم تركز على المجموعتين السابقتين، فيما أهملت إلى حد كبير عناصر داعش، مشيرة إلى أن استهداف هذه المجموعة يمكن أن يحمل المفتاح البديل لمكافحة الإرهاب، خاصة إذا وضع في الحسبان تطوير إدراك الإرهابيين والمتطرفين الذين ما زالوا طلقاء، لأنهم هم الذين سيكونون قادرين على التأثير في أقرانهم، وبالتالي إحداث تغيير في حياتهم.