الترحال بين طقوس السارد والشاعر، خصوصا تلك الأسماء التي لها دور بارز في تشكيل الوعي الثقافي، والتي أخذت بيد المسار الإبداعي السعودي إلى نقطة لا بأس بها من التقدم والازدهار، الترحال بينها لن يكون سهلا على القارئ، ولن يستطيع الوصول إليها والعيش معها لحظات ولادة الأفكار الكتابية والقرائية لو لم يكن هناك راصد حاذق أجاد تتبع تلك الأسماء، واستخلص لنا تلك الجذوة بدهشتها وعفويتها وجمالها في ستة عشر اسما جاءت ضمن صفحات ملحق "روافد" في صحيفة البلاد أيام زهوها، بعنوان: "تقاطعات في أفق المبدعين".
اشتعلت جذوة الدهشة حين عرفنا أن "عبدالعزيز مشري" ليست له ساعة معينة يكتب فيها، وربما يشترط في حالة المزاولة الإبداعية الهدوء أو الانعزال وعدم إحساسه بوجود أي مشوش أو معكر أو مراقب، بل يلزمه خلفية سمعية هادئة لكي تحسسه بالأنس، يتحكم فيها كما يريد، وأن سعد الحميدين كتب القصة القصيرة عدة مرات باسم مستعار في "قريش" و"الندوة"، وأن غرفة فهد الخليوي الخشبية المليئة بالكتب المختلفة وبشتى المعارف الإبداعية، هي التي حرضته على عشق الكتاب، واتسمت قراءته الأولى بالتنوع بين الأدب العالمي والأدب العربي.
ثالث التهمان الثلاثة "إبراهيم شحبي" كان لعمله في دولة الجزائر دور في إفادته وتشكيل قراءاته، من خلال تعرفه على بعض الأسماء المهتمة بالأدب.
يشعر أن التسطير حواجز وقيود كبعض مطبات المرور في الشوارع الضيقة، لذلك يحرص فهد العلي العريفي على الكتابة على ورق غير مسطر، وحسن السبع كاد أن يصبح قاصا بعد أن نشر في مجلة اليمامة بعض النصوص منها: الجليد والشمس، ودرس في الرسم، لكنه انحاز للشعر.
العراقيل التي صادفت "محمود تراوري" لم تكن أكثر من ضيق ذات اليد. كان يبحث عن الكتاب فلا يجده. يقف أمام واجهات المكتبات مقهورا لا يجد قيمة كتاب واحد. الراحل قبل عدة أسابيع "حسين سهيل" رحمه الله يشارك تراوري في العراقيل ذاتها. يملك البحر والنخل غير أن المجلة -فضلا عن الكتاب- كانت حلما عصيا في جزيرة فرسان.
التوله والوجد والبحث عن محايل الحب في "الأم" التي افتقدها "علي الدميني" قاده إلى التعلق بالمرأة منذ طفولته، فكتب في قصيدته "معلقة الطائر الجاهلي": ولي في قراها عاشقات وإنني بلغت الهوى في الخمس من سنواتي.
شعر التفعيلة كان محرما على "حزام العتيبي" لذلك كان ينظم مقطوعات عمودية لإلقائها في معهد شقراء العلمي. ومحمد الشقحاء يحتفظ بعمل روائي مخطوط لم ير النور حتى الآن، ولكنه وجد نفسه أقرب إلى القصة. مطوع القرية وفقيهها والد "يوسف العارف" كان قارئا ومحفزا على القراءة، لذلك نجح يوسف في القراءة منذ الصغر. قرية "السعلة" هي الحلم المقدس الذي يراود مخيلة "أحمد الدويحي" و"خالد اليوسف" الكتابة عنده تتطلب الوقت الطويل والتنظيم في المكان الذي يكتب فيه. شاعر الجبل "علي آل عمر عسيري" بدأ بقراءة كتاب الله القرآن الكريم، وتأثر بكتاب النصوص الأدبية في المرحلة المتوسطة.
والختام مع شاعر "ثلاثي اللذة والألم" بدأ بمحاولات الكتابة البسيطة منذ الصف الخامس، ثم بدأ جادا في المرحلة المتوسطة.
الشذرات العطرة أعلاه من كتاب: "جذوة الدهشة" والدهشة الحقيقية في الفكرة التي حولت حوارات "عبدالعزيز الشريف" مع ضيوفه في صحيفة البلاد إلى كتاب وثق فيه تفاصيل مدهشة تشبه المذكرات الشخصية.