أعادت صيغ خطابات بعض الإدارات التعليمية التي تخاطب بها مسؤوليها جدلية تأنيث المناصب، فالعبارات التي تكتب بصيغة معينة مثل (مدير/ة، رئيس/ة ، مشرف/ة)، لتشمل المذكر والمؤنث في ذات الوقت، لم ترق للغويين الذين أجمعوا على أن الجنسين في الخطاب الرسمي لا يفرق بينهما، إضافة إلى ضعف بعض العبارات الدلالية التي لا يمكن التعويل عليها لتكون ضمن المخاطبات الإدارية.




التمييز في الخطاب الإداري

قال أستاذ اللغويات المساعد بجامعة أم القرى الدكتور عبدالعزيز الطلحي، إن اللغة بالنسبة للمذكر والمؤنث الحقيقيين حيادية، وضمائر الأنثى تختلف عن ضمائر الرجل إلا في الخطاب الذي يكون فيه "حضور"، ونسميها ضمائر المتكلم، فمثلا "أنا، نحن" للمذكر والمؤنث ولا فرق إلا بقرينة الحضور والمشاهدة، مشيرا إلى أن اللغة كانت معتدلة في خطاب الذكر والأنثى، ووسم كل منهما بعلامة خاصة، هي في المؤنث وجود علاماته، وفي المذكر خلوه من علامات المؤنث.

وذكر أن المشكلة تبقى في الخطاب الإداري أو القيادي، الذي يفترض ألا يتم التمييز فيه بين الذكر والأنثى، والأصل فيه أن نعتمد الخطاب القرآني العام، الذي خاطب الذكر والأنثى حين يكون الخطاب عاما لهما بخطاب واحد دون التمييز بينهما، كقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا"، فالخطاب يشير إلى الرجال والنساء على حد سواء، وأضاف أن هناك نماذج مصممة ومعدة مثل المطبوعات الحكومية، التي صممت لاستخدام الرجل والمرأة دون تمييز.

وبيّن أن الخطاب إذا كان مستقلا وتم إنشاؤه في ورق مستقل غير النماذج المطبوعة فإنه يلزم إذا كان المخاطب امرأة أن يؤنث مثل سعادة عميدة.. سعادة، سعادة قائدة، سعادة رئيسة هيئة التمريض.. بينما لو كان الخطاب عاما يشمل رجالا ونساء بصفة واحدة، كالمعلمين، والأطباء، والطلاب، كتعميم من الإدارة التي يتبعون لها، وهي تشمل النوعين (الرجال والنساء)، فيكتب إدارة شؤون المعلمين، أو عمادة شؤون الطلاب، أو عمادة القبول والتسجيل، وهي تضم الاثنين معا الرجال والنساء، أو الطلاب والطالبات، مضيفا أن الخطاب إذا كان يصل إلى اثنين "رجل وامرأة"، فالأفضل في صدر الخطاب أن يوجه بالأقدمية أو الخبرة، أو بحسب الدرجة العلمية، أو أن يرتب بحسب الترتيب الأبجدي، فيقدم المؤنث أو يقدم المذكر.




التذكير أصل والتأنيث فرع

أوضح رئيس قسم اللغة العربية في تعليم محافظة الأفلاج راشد الأحمر، أن نص مجمع اللغة العربية بالقاهرة أكد على أنه لا يجوز في ألقاب المناصب والأعمال، اسما كان أو صفة، أن يّوصف المؤنّث بالتذكير؛ فلا يقال : فلانة أستاذ، أو عضو، أو رئيس، أو مدير) وهذا تخليط فاحش، وذكر أن التذكير هو الأصل، والتأنيث فرع، والخطاب بصيغة التذكير كاف، قال تعالى: "فمن شهد منكم الشهر"، وهذا يشمل الرجال والنساء.

مضيفا أن الأسماء نوعان: جامدة، ومشتقة؛ فأما المشتقة، فالأكثر فيها أن يفصل مؤنثها عن مذكرها بالتاء، أو بغيرها من علامات التأنيث؛ نحو: (ذاهب، وذاهبة) وربما لزمت العرب تذكيره في بعض الأبنية، وإذا كان معنى المشتق مما يغلب أن يقوم بالمذكر؛ فإن لك فيه وجهين: أحدهما أن تجرده من التاء مطلقا. والآخر أن تبقيه على الأصل؛ فتفصل مؤنثه عن مذكره بالتاء، والأول أفضل ومن أمثلة هذا الضرب قولك: (الوكيل، والوكيلة)، و(الرئيس، والرئيسة)، و(المدير، والمديرة).

وعن الأسماء الجامدة قال إن كانت مما له مذكر ومؤنث حقيقيان، فإنه يجب تأنيث مؤنثه، وتذكير مذكره. وقد استعمل العرب لذلك ثلاثة أوجه؛ الأول: أن تفصل المؤنث عن المذكر بلفظ يخالفه، الثاني: أن تفصل المؤنث عن المذكر بالتاء، والثالث: أن تجعل للمذكر والمؤنث لفظا واحدا، إما مختوما بالتاء، وإما غير مختوم، وذكر أن الاسم الجامد الذي ليس له مذكر ومؤنّث حقيقيان، فإن العرب تستعمل له لفظا أو ألفاظا، ولا تلتزم فيه وجها؛ فربما جعلوه مذكرا.




تحميل اللغة ما لا تحتمل

يرى رئيس نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر الشهري، أن المنصب لا يؤنث ولا يذكر، مشيرا إلى أن اللغة "محكية"، وهي ما تعارف عليها الناس والمجتمع، وليس ما قعد لها، مضيفا أن بعض القواعد قد ماتت، وذكر أن الجامعات لا تقول في مخاطباتها "عضوات" هيئة التدريس، وإنما "عضو" هيئة التدريس وهي امرأة، ومن صيغ منتهى الجموع ما يستوي فيه المذكر والمؤنث، وبين أن المفترض أن تكتب في المخاطبات "مساعد مدير التعليم لشؤون كذا"، أو تكتب مساعدي مدير التعليم، سواء رجل أو امرأة، وتساءل عن تحميل اللغة ما لا تحتمل، والهدف أن نصل للمعنى لا أن نتقعر فيه.