الانتقائيون في الإعلام هم الأشخاص الذين يسيرون وفق ميولهم، بل إن مشاعرهم تجاه أنديتهم هي المحرك الرئيسي لاختلاف آرائهم، حتى وإن توحدت الحالات التي تواجههم، ليس لأنهم متعصبون فحسب، بل لأنهم غير منصفين في نقدهم للأحداث من حولهم، وهذا النوع من السهل جدا أن تتعرف عليه، وذلك من خلال التناقض الكبير الذي تجده في آرائهم.

لذا بات المتلقي لا يثق بما يقدمونه من نقد، لأنه عرف عنهم أنهم فاقدون للموضوعية والمصداقية في طرحهم، والشواهد على تنامي هذا النوع من الإعلام لا تعد ولا تحصى، فأولئك الذين شنوا هجوما لاذعا على رئيس اتحاد القدم أحمد عيد، عندما وضع " أحد" الأهلاويين الشعار على كتفه، عندما توج الأهلي بلقب دوري جميل في الموسم الماضي، ووصفوه بأبشع وأقذع العبارات، ولم يكتفوا بذلك فحسب، بل شككوا في منجز الأهلي المستحق رغما عن الجميع، نشاهدهم يمارسون الآن وباحترافية عالية وضعية "اعمل نفسك ميت" تجاه تغريدات نائب رئيس اتحاد القدم محمد النويصر، الذي تناسى موقعه الرسمي كمسؤول، وارتدى ثوب المشجع، من خلال تهنئته لفريقه الشباب بالفوز على الاتحاد في اللقاء الذي جمع الفريقين مؤخرا، ولم يكتف بهذه التغريدة فحسب، بل ظهر إذاعيا وأكد أنه يتمنى أن يحرز فريقه جميع بطولات الموسم دون استثناء، وأنه لا يكترث كثيرا بردة فعل الآخرين تجاه تصرفه هذا، ورغم ذلك نجد أن إعلام المبادئ والقيم الزائفة ظل على صمته المطبق، وهو الذي كان الأحرى به ألا يكيل بمكيالين، وأن يوجه سهام نقده تجاه النويصر، لأن الحالتين متشابهتان تماما، لكنهم ما زالوا صامتين وسيظلون كذلك، ليؤكدوا لنا بما لا يدع مجالا للشك أن نقدهم لتصرف رئيس اتحاد القدم وتغاضيهم عن تصرف نائبه، هما استمرار لآرائهم الانتقائية التي باتت مكشوفة للجميع، وأنها آراء ظاهرها النقد وباطنها الميول والتعصب الأعمى لأنديتهم.