ضاعف الحريق الذي نشب مساء أول من أمس بمستشفى العارضة في جازان معاناة الأهالي من تدني مستوى الخدمات الطبية، بخروج المستشفى الوحيد والمتهالك عن الخدمة بالمحافظة، كثاني مستشفى في المنطقة خلال عام، بعد مستشفى جازان العام الذي تعرض لحريق مماثل.




في الوقت الذي كانت تعاني محافظة العارضة من تدن في مستوى الخدمات الطبية المقدمة لأكثر من 100 ألف نسمة، ضاعف الحريق الذي شب مساء أول من أمس هذه المعاناة بخروج المستشفى الوحيد والمتهالك عن الخدمة كثاني مستشفى يخرج عن الخدمة بمنطقة جازان خلال عام، بعد خروج مستشفى جازان العام نتيجة حريق مماثل تسبب في كارثة إنسانية وطبية ما زال التحقيق جاريا في مسبباتها.


أطباء بلا مرضى

أعاد منظر الأطباء وأسرة المرضى المتناثرة والخاوية، ورائحة الدخان المنبعث من داخل مستشفى العارضة إلى الأذهان صباح الخميس الأسود بمستشفى جازان العام الذي نتج عنه وفاة 24 وإصابة 123 شخصا، تاركا العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب التي أدت لهذه النتيجة.




الشرطة تحقق

تحقق الجهات الأمنية بمنطقة جازان في حادثة الحريق، بعد نشوب حريقين بقسمي العيادة الخارجية، وقاعة التدريب بالمستشفى، وشهد مستشفى العارضة، حراسات مشددة من قبل شرطة العارضة، وفرق الأمن والسلامة، والتي قامت بتطويق موقع الحريق.

وزار وكيل إمارة منطقة جازان الدكتور سعد المقرن ووكيل الإمارة المساعد للشؤون الأمنية سلطان السديري صباح أمس، مستشفى محافظة العارضة، ووقفا على جميع الأقسام المتضررة جراء الحريق، وأوضح مصدر بإمارة جازان أن الزيارة تأتي للوقوف على المستشفى، والاطمئنان على الوضع، وتكليف الجهات المختصة برفع تقرير عاجل عن مسببات الحريق.


الصراخ أنقذنا

أوضح المريض محمد صاحب بنجلادشي الجنسية أنه كان يغط في نوم عميق أثناء وقوع الحريق، مشيرا إلى أنه استيقظ على صراخ المرضى، وتم إخراجه من قبل أفراد المستشفى، ونقله بالهلال الأحمر، مضيفا أنهم أصيبوا بحالة من الخوف والهلع جراء الحريق.




عملية الإنقاذ

روى لـ"الوطن" أحد حراس الأمن بالمستشفى تفاصيل عملية الإنقاذ التي تمت بشكل مثالي نتيجة تعاون عدة جهات من داخل المستشفى وخارجه، ففي حين تولى الأطباء والممرضون عملية الإشراف على نقل المرضى المنومين وتقديم خدمات طبية لهم من أكسجين وغيره من غرف التنويم لسيارات الإسعاف، ساهم عدد من المتطوعين في تكسير زجاج النوافذ في المبنى لإخراج الدخان ومنع حدوث حالات اختناق قد تتسبب في حدوث ضحايا، فيما تولى رجال الدفاع المدني عملية إطفاء الحريق وسحب الدخان، وأن عملية الإنقاذ تمت في وقت قياسي وبشكل مثالي نقل فيها 42 حالة كانت منومة بالمستشفى عن طريق إسعافات تم تأمينها في وقت قياسي من قبل إدارة المستشفى والهلال الأحمر والدفاع المدني وإدارة سلاح الحدود وتوزيعهم بشكل منظم على مستشفيات أبوعريش والعيدابي والقوات المسلحة.




إعادة الخدمة

أوضح المتحدث الرسمي لصحة جازان نبيل غاوي في تصريح خاص إلى "الوطن" أن العمل يجري على إعادة مستشفى العارضة العام إلى الخدمة خلال اليومين القادمين على مرحلتين، ستكون الأولى بإعادة الخدمة في الأقسام التي طالتها ألسنة اللهب، فيما سيتم تأهيل الأقسام المتضررة في العيادات الخارجية وأقسام التنويم بالدور الثاني، ليعود المستشفى للعمل وتقديم الخدمة الطبية للمراجعين بكامل طاقته، مؤكدا أنه تم توجيه جميع الحالات لمراجعة مركز الرعاية الأولية بالعارضة الذي بدأ منذ صباح أمس في استقبال الحالات.




مستشفى متعثر

رغم أن محافظة العارضة تتبع لها ثلاثة مراكز وأكثر من 500 قرية يسكنها أكثر من 100 ألف نسمة على امتداد جغرافي كبير، إلا أنه لم يشفع لها في وجود خدمة طبية تناسبهم، حيث تمتد معاناتهم مع مستشفى متهالك وقديم لأكثر من 20 عاما، فشل خلالها المستشفى في استيعاب الحالات التي يتم تحويلها لخارج المحافظة، تارة بحجة عدم توافر أسرة، وتارة بسبب عدم توافر طبيب مختص، ولم تجد أصوات أبناء المحافظة خلال السنوات الماضية من مسؤولي صحة جازان آذانا صاغية في مطالبهم بحل مشكلة المستشفى المتعثر منذ 12 عاما.