والله إننا مجتمع مضحك للغاية، وإن أفعالنا لتثير القهقهات حتى لطوب الأرض الجامد والنائم في أمان الله ورعايته.
بينما كنت أتجاذب الشاي والكلام مع أحد الأصدقاء من محيط الشعر الشعبي، فاجأني متسائلاً "تعرف الشعراء الشعبيين فلان وفلان، ترى صدر لهم روايات".
طبعاً فلان وفلان لا يجيدون حتى كتابة الشعر الشعبي بشكل مقنع، ولكن "فلان وفلان" هم في موجة عارمة وغريبة في وسطنا الثقافي السعودي، اسمها موجة الروايات.
لا شيء يمنع الآن في وسطنا الثقافي، من دخول مجال كتابة الرواية، فمن فشل في كتابة شعر فصيح توجه للرواية، ومن فشل في كتابة شعر عامي توجه للرواية، ومن فشل في الصحافة والإعلام توجه لكتابة رواية، ودور النشر أبوابها مفتوحة لكل من هبّ ودبّ وطبّ، لأن فمها هو الآخر مفتوح للمال، على حساب فن أدبي رفيع ومعقد هو فن الرواية.
عندما سُئل مؤلف رواية الفيلم الشهير (فورست جامب)، عن عدم كتابته لرواية أخرى، قال: لأنني لم أجد ما أكتبه، ولإيماني بأنني لن أكتب أجمل من رواية (فورست جامب)، هذا الكلام قاله بعد 12 عاماً من كتابته لروايته الأولى والأخيرة.
هذا الكلام أقوله لمن استسهلوا فن الرواية وشوهوه، وقطعوا أيديه وأرجله من خلاف، وأغرقوا مكتباتنا بروايات هزيلة، معظمها لا يحمل شروط الرواية أصلاً.
محزن جداً أن يجلس مؤلف "ثلاثي الأزقة المهجورة"، تركي الحمد، ومؤلف "الموت يمر من هنا"، عبده خال، مع رجيع الصحافة والشعر، وهم يوقعون أعمالهم الروائية، على طاولة واحدة.
لو علمت الطاولة، لكسرت قوائمها وهربت من المكان والزمان.