يواجه المغرب هذه الأيام، أزمة سياسية ألمح إليها رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران، بعد أن تحدث عن محاولات للانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا، كما توقع نجاح سياساته في الحكومة الجديدة.

وفيما قلل مراقبون من احتمالية وصول الحكومة إلى مرحلة العجز النهائي عن تشكيل الحكومة، قالت تقارير إن الفشل قد يعني الدخول في أزمة حقيقية تؤدي إلى نتائج مجهولة. وكان بنكيران، قد انتقد مؤخرا، موقف حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يتفاوض معه باسم حزبين، بالإضافة إلى انتقاد حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي اقترح رئاسة مجلس النواب، قبل أن يحسم موقفه من المشاركة في تشكيل الحكومة، بالإضافة إلى محاولات بعض الأوساط السياسية رفع مذكرات إلى الملك قبل تعيين رئيس الحكومة، تضمنت الرفض المطلق للتعامل مع حزب التنمية والعدالة.

مفاجأة الانتخابات

بحسب محللين سياسيين، فإن فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، شكل مفاجأة لأغلب الأحزاب السياسية التي كانت تظن أنها ستنتصر في النتائج، بالرغم من الإمكانات التي كانت تمتلكها خلال فترة الدعاية الانتخابية.

كما أشار المحللون إلى أن هنالك محاولات حثيثة لتأزيم الوضع داخل البلاد، وخلق أجواء مرتبكة وغير طبيعية، لعرقلة مساعي الحكومة المنتخبة الجديدة، مبينين أن مواقف بعض الأحزاب توحي بوجود ترتيبات مبيتة لتوجيه مسار العملية السياسية نحو مأزق حقيقي بهدف إحراجها أو إسقاطها من المشهد المغربي.

العودة إلى الصناديق

تزامنا مع المفاجأة التي واجهت الشارع السياسي المغربي، يقلل خبراء من إمكانية فشل حكومة بنكيران في الوصول إلى توافق لتشكيل الحكومة، في حين يمكن أن يرى الأخير نفسه مجبرا على القبول بإشراك الحزب الثاني في الانتخابات، وهو حزب الأصالة والمعاصرة، أو الرجوع إلى الملك لحل الخلاف الحاصل. واستنادا إلى الدستور المغربي، فإن الملك يحق له تعيين رئيس حكومة جديد من الحزب الثاني، إلا أن الفصل 47 منه، ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة الجديدة من الحزب الفائز، وهو ما فعله تحديدا مع حزب العدالة والتنمية، وبذلك يتعين على بنكيران العودة إلى صناديق الاقتراع في حال فشلت المفاوضات الجارية لتشكيل أعضاء الحكومة المرتقبة. وكان حزب العدالة والتنمية الإسلامي، قد فاز في الانتخابات البرلمانية التي جرت مطلع الشهر المنصرم، وشارك فيها نحو 16 مليون مواطن، بواقع 125 مقعدا، مقابل 102 لمنافسه حزب الأصالة والمعاصرة ذي التوجهات العلمانية، في حين أتى حزب الاستقلال المحافظ في المرتبة الثالثة بـ 46 مقعدا. وبحسب النظام الانتخابي في المغرب، لا يحق لحزب واحد الفوز بأغلبية مطلقة، وهو ما يعني إجباره على الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومات ائتلافية، حيث إن ذلك يقلل من إمكانية هيمنة حزب سياسي واحد على القرار في البلاد.