عبر قلم يعتصره الألم على واقع مر جعل من هذه الأمة لقمة سائغة، ممزقة مشتتة تائهة محصورة تعيش الذل مسلوبة الكرامة، تستجدي البقاء من المؤثرين لكي يبقى الجسد في وضعه الذي طال أمده، والمؤثرون يتلاعبون ويستخفون بالعقول، فهم سائرون في الطريق يمسكون بالبندقية في يد والأخرى تحمل حقيبة المال التي امتلأت من الشركات والمؤسسات العابرة فوق أرض المتنازعين العابرين للزمن المتفردين بعقلية حب التملك التي كانت سببا في الضياع السابق الذي نحاول أن نخفيه كي لا نزيد واقع المرارة والأسى في أنفسنا، نهرب إلى التبرير، ولكن تبقى الحقيقة ناصعة (ابك كالنساء ملكا ضائعا لم تحافظ عليه مثل الرجال..).

سؤال هل يجد العابرون اليوم له إجابة من جيل الصغار، كيف سوف نمر على التاريخ ونقول كيف ضاع المجد، وما السبب في انهيار حضارة؟ يبرز الحق أمامنا:

كونُوا جميعَاً يا بَنِيَّ إِذا اعتَرى

خَطْبٌ ولا تتفرقُوا آحادَا

تأبَى القِداحُ إِذا  اجتمعْنَ تكسُّراً

وإِذا افترقْنَ تكسَّرتْ أفرادَا

ها هي شمس الحقيقة الحادة في النور التي غرست في إفراد جيل العابرين منذ نعومة إظفارهم، لكن لا حياة لمن تنادي. ستظل هذه الأمة عابرة يعلو صياحها في الطريق هذا هو سلاحها في مواجهة المؤثرين الذين لا يلتفتون إليها، بل يسخرون منها، وفي داخلهم إصرار على ألا يروا قائدا مثل عبدالرحمن الغافقي يزحف إليهم من جديد، راحوا يتفرجون على هذه الأمة وهي تعيش صراعاتها التي لا تنتهي وهمهم الوحيد في الحصول على الكعكة التي تأتي طواعية ومنقادة من العابرين للتاريخ الذين توقف تفكيرهم في حب الظهور والبروز على حساب الأمة ذات العدد الكبير، لكنها كغثاء السيل منزوعة المهابة لا تحمل سوى خطب الوعيد والتهديد والتمني، يموت منها الكثير بلا شفقة ولا رحمة، فلا يتحرك المؤثرون الذين يثارون لموت فرد فيهم وينتقمون، ويبقى العابرون يرددون:

قتل امرئٍ في غابةٍ

جريمةٌ لا تُغتَفر

وقتل شعبٍ آمنٍ

مسأَلةٌ فيها نظر

فمن يسطر التاريخ؟ يسطره الأقوياء الذين يدركون معنى القوة التي يعرفها العابرون منذ زمن في قول الله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).

فمتى تستفيقون أيها العابرون من غفلتكم؟ سؤال من طبيب إلى مريض طال مرضه ولم يتسرب إليه اليأس من برئه وما زال يجاهد في شفائه ويخاف أن يدخل في مرحلة الاحتضار الذي تلوح معالمه في الأفق، فهل تخرج هذه الأمة من واقعها المحزن والمؤلم؟ ندعو الله أن يكون ذلك قريبا.