انتشرت خلال هذا الأسبوع على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الليبية، دعوات متزايدة للدخول في عصيان مدني مفتوح، بدأ رسميا أول من أمس، باعتباره شكلا من أشكال الاحتجاج على سوء الأوضاع، وانعدام الأمن، وتردي الخدمات، وارتفاع الأسعار، واستشراء الفساد، وتغوّل الميليشيات المسلحة، وتزايد معدلات الجريمة، وانشغال السياسيين في صراعاتهم الخاصة. ووجدت دعوات العصيان صداها في عدد من المدن الليبية، من البيضاء إلى زليطن وترهونة، حتى تاجوراء وطرابلس والزاوي، حيث طلب العديد من المدارس في بلدية طرابلس من تلاميذها عدم الحضور. ونشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، أن العصيان يعني "أن تلزم بيتك، لا لإغلاق الطرقات أو القيام بأي احتجاج، فقط أغلقوا المحلات، والمدارس والجامعات، بدون أي مظهر من مظاهر العنف أو التظاهر".

تدهور الأوضاع

دعا ناشطون إلى انتفاضة شاملة في البلاد يوم 12 ديسمبر، ويتوقع أن تتسع الاحتجاجات الشعبية مع اقتراب الذكرى الأولى لإعلان اتفاق الصخيرات للحوار السياسي، الذي فشل في تحقيق أهداف الليبيين، حسبما ذكرت مصادر إعلامية محلية. واعتبر مراقبون للشأن الليبي أن العصيان الشامل لم يحسب على أي حكومة أو تيار سياسي بعينه، وإنما هو نتاج تفاعل شعبي فقط من الناشطين والصحفيين، لإيصال رسالة إلى الحكومات المتنازعة بأن الأوضاع لم تعد تطاق. ومن مظاهر تدهور الأوضاع الاقتصادية، خسارة الدينار الليبي ما يقرب من 75% من قيمته، مع ارتفاع نسبة التضخم بحوالي 30%، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وما تعانيه البنوك من نقص السيولة المالية الحادة، ونقص الأدوية الكافية بالمستشفيات.

تجاوب واسع

نفّذت مدينة القرابولي، شرقي طرابلس، عصيانا شاملا، واتسعت الاحتجاجات لتشمل مدن الجنوب، ومنها براك الشاطئ والشويرف، كما نظم سكان مدينة هون وقفة احتجاجية ضد الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، وانعدام السيولة وتردي الأوضاع الصحية التي تشهدها المدينة وكل ربوع ليبيا. ودخلت مدينة صرمان في عصيان مدني بكل مؤسساتها، حيث شمل مختلف المؤسسات التعليمية والمؤسسات العامة والمحال التجارية، تعبيراً عن رفض السكان لما وصفوه بسياسة التجويع التي تنتهجها الحكومات وغياب الأمن. وخرج عدد من الليبيين في الزاوية إلى ميدان الشهداء وسط المدينة، معبرين عن غضبهم بسبب الأوضاع المعيشية والأمنية، في حين انضمت بعض المؤسسات إلى العصيان المدني.