سلوى سلمان البلوي



تتواتر الأجيال في المحافظة على هويتها وخصوصيتها التي تميزها عن باقي الشعوب، وتتمثل هذه الهوية في جوانب متعددة (اجتماعية، وثقافية، واقتصادية، وسياسية، ومعمارية... الخ)، وكلها تندرج تحت مسمى التراث الحضاري الذي يعتبر سجلا تاريخيا يوثق مراحل تطورها، وهو الذاكرة الحية للفرد والمجتمع، وقد حظيت مجتمعاتنا العربية بكمٍّ هائل من التنوع التراثي عبر مر العصور.

التراث الحضاري على اختلاف أنواعه وأشكاله مبعث فخر للأمم، فهو بما يحمله من قيم دليل على العراقة والأصالة والإلهام للفنون والعلوم المعاصرة، ويمثل الصلة بين الماضي والحاضر، وهو مصدر اقتصادي مهم للدول، وهذا ما دعاها إلى الاهتمام به وحمايته.

ومن أشكال التراث المتعددة الثقافية والفنية والفكرية، وهي من صنع الإنسان، وتختلف باختلاف مراحلها الزمنية، فالتراث العِماري وما يشمله من شواهد واضحة كالقصور والصروح والمدافن، وما تضمه المتاحف من أدوات تمثل حياة العصور المختلفة التي أقامت على أرضها، والتراث الفكري الذي يمثل نتاج العلماء والكتاب والمفكرين والمبدعين، والتراث الاجتماعي المتمثل في عادات وأعراف وتقاليد المجتمع.

وشاهدت من خلال وسائل الإعلام صورا إيجابية -والتي نتمنى لها مزيدا من الظهور والتنامي- لمبادرات فردية؛ وجماعية من بعض المواطنين؛ للمحافظة على موروثهم، وذلك من خلال إقامة المتاحف والأنشطة الفلكلورية المنوعة، والتي تعلن رغبتهم في التمسك بإرثهم والمحافظة عليه ضمن إمكاناتهم البسيطة، وقد حظيت هذه الأنشطة ببعض الاهتمام الإعلامي، وكانت محط أنظار الكثيرين، إلا أنه من المؤلم وجود صورة سلبية تعكس جهل بعض المواطنين بالتعامل مع هذه الآثار التي كانت شاهدا على مرور حضارات سابقة، ونجد أن بعض هذه الأماكن الأثرية قد تعرض للإهمال أو السرقة، وذلك يدعو لتكاتف الجهود المؤسسية والفردية؛ الخاصة والعامة؛ لحمايتها ونشر برامج التوعية حول أهمية المحافظة عليها، وأختم بعبارة جميلة لأحد علماء الآثار "إن فقدان التراث يعني فقدان الذاكرة"، دمتم بذاكرة جميلة تحمل عبق الماضي وإرثه وتواكب الحاضر المتطور.