بعد وقت قصير من انتخابه رئيسا لأميركا، أظهر دونالد ترامب بالفعل أنه سوف يمزج بحرية شؤون عمله التجاري بنشاطه كرئيس للبلاد. وبالطبع لن تستطيع القوانين الأخلاقية الفيدرالية منعه طالما لا يمكن تنفيذها ضده. وقد يدعو هذا الوضع عمليا الحكومات والشركات الأجنبية إلى محاولة ألا ترتبط سياستها مع أميركا بمصلحة إمبراطورية ترامب التجارية.

سوف تدير عائلة الرئيس ترامب ملاعب الجولف والفنادق وغيرها من الشركات التي تمتد في جميع أنحاء العالم. وخلافا للرؤساء الآخرين الذين قاموا بتصفية أصولهم ووضعها في إيداعات محجوبة، قال ترامب لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه لن يفعل ذلك، لأن "القانون إلى جانبي تماما"، مما يعني أن الرئيس لا يمكن أن تتضارب مصالحه مع الرئاسة. وهذا خطأ. وبطبيعة الحال، يمكن أن تكون للرئيس مصالح متضاربة مع رئاسته وهو كزعيم يتحتم عليه أخلاقيا بذل كل جهد ممكن لتبديد تلك الصراعات، سواء بمقتضى القانون أم لا.

وخلال الحملة الانتخابية، شجب ترامب بلا هوادة هيلاري كلينتون لرغبة مؤسستها في قبول تبرعات من الحكومات الأجنبية. ولكن صراعات كلينتون المحتملة تتضاءل بجانب تلك التي ينوي ترامب تبنيها الآن.

كان عليه أن يبدي ولو قليلا من الاهتمام بالقواعد الأخلاقية، لأن عدم الاهتمام بها من شأنه أن يضر بمصالحه المالية. يقول ترامب إنه يعتزم أن يلتقي بالشركاء التجاريين في البيت الأبيض. وإنه يصر، خطأ، على تسليم شركاته إلى أولاده الكبار، الذين هم ضمن فريقه الانتقالي، كحل للمشكلة.

أبرزت الأيام الأخيرة عدة أمثلة على كيفية أن مصالح ترامب المالية ستهدد سلامة الحكومة الأميركية:

في يوم الثلاثاء اعترف ترامب بأنه قد جلبت خطط لمزرعة الرياح البحرية بالقرب من أحد ملاعب الجولف التي يمتلكها في أسكتلندا استياء له، مما دعاه إلى أن يطلب من السياسي البريطاني، نايجل فاراجي معارضة مشروع الرياح هذا. ولدى فاراجي، الذي قاد حركة مغادرة بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نفوذ سياسي كبير في بريطانيا، ويمكنه مساعدة ترامب في تمهيد الطريق لاتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي.

كانت إيفانكا ابنة ترامب حاضرة في اجتماع بينه وبين رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وكانت تستمع إلى مكالمة هاتفية أجراها والدها مع الرئيس الأرجنتيني موريسيو ماكري. رسميا لا يوجد أي مبرر لوجودها في هذه الاجتماعات.

قال دبلوماسيون أجانب لصحيفة "واشنطن بوست" إنهم قد حجزوا غرفا بفندق ترامب الدولي وأنفقوا أموالا بالفندق "كورقة رابحة" تمكنهم ببراعة من التواصل مع الإدارة القادمة في البيت الأبيض.

التقى ترامب مطورين هنودا سبق أن رخصوا له بعلامة تجارية لمشروع عقاري في مدينة بيون الهندية، ويأمل الاستفادة من فوزه لتوسيع مشروعاته العقارية وأعماله الأخرى في الهند. ولكن قد تشكل مصالح ترامب التجارية هناك نزاعا مع أي سياسة يروجها تجاه ذلك الوطن.