عندما انتشر نقاب المرأة قبل عقود حاربه كثير من رموز الدين بحجة الفتنة، وأنه يُظهر العيون التي هي أجمل ما في وجه المرأة. وعند ظهور الجوال والإنترنت والدش كانت المرأة آخر من استخدم هذه الوسائل. كان من العرف الاجتماعي والديني أنها فقط للرجال! وكأنه يوجد إسلام للرجال مختلف عن إسلام النساء!

في وقت من الأوقات كان يُحظر على المرأة الرد على الهاتف الثابت، بل إنه مازال البعض يتحرج من مشاهدته مع زوجته أو أخته أو ابنته في مكان عام. كل هذه العادات التي تحتقر المرأة دخيلة على مجتمعنا، ولم يكن آباؤنا وأجدادنا يمارسونها. كلها جاءت مع ارتفاع هيمنة تيار متشدد جعل المرأة هي العدو الأول للدين. منعوا المرأة من كل شيء وحولوها من آدمية إلى مجرد معيار ظاهري لمستوى الشرف والعفة أمام الناس. ولذلك انتشرت عبارات سخيفة تُكتب حتى في مدارس البنات مثل عبارة: "تعرف رجولة الرجل من عباءة أهله"، فأصبح الشرف والعفة يقاسان بشكل العباءة، وأصبحت رجولتك أيضا تقاس بنفس العباءة! مع التأصيل على تبعية المرأة فهي كيان غير مستقل. ولو لاحظنا تسلسل الأحداث لاكتشفنا أن هؤلاء المتشددين سلطتهم على المجتمع أقوى من سلطتهم على المرأة التي تعيش معهم في نفس المنزل. فهم يخافون منها ويخشونها، ولذلك يحاولون تمرير القمع والتحريم على جميع النساء، لأنهم يعرفون أنهم لن يستطيعوا مقاومة انفتاح المجتمع في منازلهم. وكما أصبح النقاب الآن رمزا للفضيلة في نظرهم بعد أن كان فتنة، فسيأتي اليوم الذي نجد فيه نساءهم يسابقن نساء الآخرين في كثير من الأمور التي مازالوا يحاربونها كقيادة المرأة والاستفادة من تعديل أنظمة الولاية وغيرها.