عندما تتبنى قضية حقوقية وتدافع عنها، وبعد مرور الوقت تكتشف أنه تم تضليلك وتتراجع عن موقفك، فهذا من أبسط حقوقك.
المشكلة ليست هنا، فكلنا قد نغيّر مواقفنا لأسباب كثيرة. المشكلة الحقيقية عندما تعلن انسحابك عن دعم هذه القضية بصياغة معينة، قد تدين فيها وطنك الذي ادّعيت أنك انسحبت من أجله، بطريقة توحي للناس بأنه تم الضغط عليك لتغيّر موقفك!، أنت هنا تضلل الناس وتحاول إرهابهم وتخويفهم وتشكيكهم في مطالب مشروعة.
حتى تتضح الصورة أكثر، في قضية المطالبة بتعديل نظام ولاية المرأة، كتب كثير من الإعلاميين والمشاهير عن القضية -وأنا أحدهم-، ولم أتلق في حياتي اتصالا من مسؤول يطلب مني تغيير موقفي.
كتبت كثيرا في انتقاد الأداء الحكومي، لأنني مؤمن بأن النقد حق للجميع، وأن الشعب والحكومة في مركب واحد اسمه وطن، وأيضا لم أتلق اتصالا واحدا يطلب مني التوقف عن النقد وتغيير موقفي.
سقف الحرية الذي وصلنا إليه الآن يعدّ نقلة نوعية في تاريخنا، وكونك توقفت عند السقف القديم فهذه مشكلتك.
صحيح تمت مساءلة عدد قليل من الناس بسبب بعض المقالات أو بعض التغريدات لأسباب معينة، ولكنها في الإجمال قليلة، وإشاعة هذا الإرهاب الفكري بين الناس لعدلهم عن قضاياهم ومطالبهم السلمية، ليس في مصلحة الوطن والمواطن.
الأهم من ذلك، إذا غيّرت موقفك تجاه قضية كنت مؤمنا بها، فلا تشكك في وطنية غيرك، ممن لم يغيروا مواقفهم وما زالوا ثابتين في الدفاع عنها وتقول: "من أجل وطني وولاة الأمر أعلن انسحابي"!