بعد نحو شهرين من الانتخابات التمهيدية لليمين ويمين الوسط في فرنسا، وتربعه على قائمة الترشح باسم اليمين التقليدي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خرج المرشح الرئاسي الفرنسي فرانسوا فيون، أول من أمس، عن صمته الإعلامي، متحدثا عن الهجرة والأمن، باعتبارهما من القضايا الرئيسية المطروحة ضمن حملة الدعاية للانتخابات الرئاسية. وقال في تصريحات إعلامية قبل رحلته إلى جنوب شرق فرنسا "أريد أن تكون فرنسا قادرة على أن تحدد كل عام عدد الأشخاص الذين يمكنها قبولهم على أرضها". وكان فيون تعمد بعد فوزه الكاسح في الانتخابات التمهيدية نوفمبر الماضي، أن يبتعد عن الإعلام، مكرسا جهده لتنظيم البيت الداخلي، إلا أن تهجم الجبهة الوطنية، حزب اليمين المتطرف، بقيادة مارين لوبان، ومحاولتها إضعافه أعاده للأضواء.


مخاوف الجبهة الوطنية

حسب محللين سياسيين فإن ما يثير خشية الجبهة الوطنية من فيون، هو اتجاهه التقليدي والمحافظ اجتماعياً فيما يتعلق بقيم الأسرة و"جذور فرنسا المسيحية"، والتأكيد على الهوية القومية الفرنسية، و"السيادة" و"الوطنية"، واتجاهه المتشدِّد فيما يخص الهجرة والإسلام، إضافة إلى أجندته الخارجية الداعمة لبوتين ضد الإمبريالية الأميركية، وكل هذه الأمور تتشابك مع بعض أفكار لوبان الرئيسية. ورغم عدم بدء حملة لوبان الرئاسية بجدية، يتفق المحللون على أنه من المبكر توقع الضرر الذي قد يحدثه فيون بمنافسته، مشيرين إلى أن الأخيرة لا توفر فرصة إلا وتتهجم فيها على فيون، مؤكدة أن بعض ما يطرحه هو نسخة مشوهة من أفكار الجبهة.


مهاجمة التطرف

وفقا لتقارير فقد بدأ فيون في الأيام القليلة الماضية مهاجمة تطرُّف الجبهة الوطنية، بشكل غير مباشر، حيث اختار الحديث عن موضوع الهجرة، مؤكدا أنه يريد أن تكون فرنسا قادرة على أن تحدد سنويا عدد الأشخاص الذين يمكنها قبولهم على أرضها، كما يرغب في وقف المزايا الاجتماعية الممنوحة للمهاجرين الذين أقاموا في فرنسا بصورة قانونية لفترة أقل من عامين. كما أن خططه بشأن الهجرة جاءت ضمن أساسيات الاقتصاد الحر التي أعلنها خلال الانتخابات التمهيدية، وأثارت حفيظة بعض الأوساط في يمين الوسط وشريحة الناخبين من يسار الوسط، التي يمكن اجتذابها في الدورة الثانية من الانتخابات.


نتائج غير مضمونة

حسب التقارير فإن التجارب الانتخابية الأخيرة في بعض الدول، وفوز ترمب بالرئاسة، وقبل ذلك الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أثبتت أن النتائج غير مضمونة مسبقا، وهذا ما يشجع اليمين المتطرف في فرنسا على القتال حتى الرمق الأخير، والتركيز في حملته التي تحمل شعار "الناس في مقابل النخبة"على مهاجمة فيون، من باب أنه كان سياسيّاً مغروراً. يهتم بأمر النخبة الغنية أكثر من اهتمامه بأمر الطبقة العاملة التي واجهت عقوداً من البطالة الجماعية، مع تسليط الأضواء على رغبته في تسريح 500 ألف موظف من القطاع العام لإحداث صدمة جذرية في اقتصاد فرنسا.