التقت تركيا وإيران وروسيا في موسكو لتسوية الأمور العالقة في منطقة الشرق الأوسط، ولم توجه الدعوة للولايات المتحدة لحضور الاجتماع. ولقد كان الجميع سعداء بفقدان نفوذ الرئاسة الأميركية في الشرق الأوسط، خاصة في سورية.

لقد أصبحت مدينة حلب الآن كومة من الأنقاض، حيث مات فيها عدد لا يحصى من البشر، جراء قصف الروس الجوي للمدينة، من أجل الحفاظ على النظام السوري، الأمر الذي لم تستطع الولايات المتحدة أن تفعل حياله شيئا تقريبا، على الرغم من أن أوباما تنبأ بأن بشار الأسد سوف يطاح به.  

وعلى أية حال، يبدو أن الولايات المتحدة لن تتدخل مرة أخرى في بعض مناطق الصراع في الشرق الأوسط. فلقد دخلت أميركا الحرب مرتين في العراق، وفقدت قوات المارينز في لبنان، فربما تكون تلك مجرد ذرائع بألا تفعل شيئا.  

إنني أعتقد، كما يعتقد آخرون غيري، أن الولايات المتحدة كان يمكنها الحد من سفك الدماء في سورية، وأنه كان من الممكن أن تقيم مناطق حظر للطيران، حيث تمنع الطائرات المروحية السورية من إسقاط البراميل المتفجرة في المناطق الآهلة بالسكان. وكان يمكنها أيضا إنشاء مناطق أخرى آمنة للاجئين.

لقد استطاع الروس أن يفعلوا ما يبتغون فعله، فلماذا لم تفعل الولايات المتحدة شيئا للحد من جرائم بشار الأسد؟

الجواب يبدو واضحا بالنسبة لي: أوباما لم يهتم بما فيه الكفاية، ولم تصدر منه مطالبة حاسمة بخروج روسيا وإيران من سورية والبقاء بعيدا عنها. إنه كان يتعامل مع ما يدور في سورية ببرود عاطفي، وكأنها لم تكن معركة تعنيه.

قل ما شئت عن دونالد ترمب، ولكنه يهتم جادا بمعالجة الأمور الصعبة ولو أن لديه بعض الأفكار الفظيعة، وإنه رجل أخلاقي من نواح كثيرة. وترمب -وعلى النقيض من أوباما- فإن عواطفه لم تكن لغزا... يبدو أن أوباما لا يريد أن يجعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، فإنه يراها عظيمة بما فيه الكفاية بالنسبة له. 

لقد أدى برود أوباما إلى خسائر فادحة في الأرواح في سورية، فبدلا من حشد أميركا لقضية نبيلة -بالتدخل لإنقاذ الأرواح وتفادي أزمة اللاجئين التي ما زالت تزعزع استقرار أوروبا- فإنه رمى قضية سورية وراء ظهره.     

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت الزعامة الأميركية ضرورية للحفاظ على السلام في العالم. وسواء أحببنا ذلك أم لا، فقد كنا شرطي العالم، ولم يكن هناك شرطي آخر ليتغلب علينا. أما الآن فقد ذهبت تلك القيادة، فهل سيكون هناك سلام في العالم؟!.