قبل أيام اكتشف العراقيون أن "الحنشل" الإيرانيين لم يعودوا يبالون بأي شيء في سبيل إكمال نهب العراق. حيث قام شاب شجاع بتصوير عملية تفكيك مصفاة بيجي العراقية بالكامل وتحميلها على سيارات النقل إلى إيران.. هكذا أمام أمة اللاجئين والمسروقين العراقيين.
التعليقات على صور الشاب في المواقع كانت غاضبة جدا ردا على الاستفزاز الإيراني، لكن في نهاية كل سطر كان يبدو أن المعلق يتذكر فجأة أن ضريبة شتم العراق هي الاتهام بشيئين: إما البعثية أو الداعشية، فيختم بلعن صدام وشتم السعودية.
في نظري هذه الموجة ستمر خلال فترة قصيرة، أعني المكارثية العراقية التي لاحقت الناس الكارهين لإيران. لأن خونة العراق المتمثلين في أحزاب المعممين لن يجدوا مكانا ولا سلاحا يكفي لإبادة كل شباب العراق الذي أصبح يعي الخطة الموجهة نحو بلاده في استخدامها كأداة لتوسع التمدد الخميني الصفوي. الشعب الذي يجوع ليشبع نظام الملالي من الدماء.
هذا الوعي ليس فقط ردة فعل لتصرفات إيران، ولكن كما كان العراق دائما زاخرا بالمثقفين والحكماء، حتى وهو يعاني، فإن كل جيل يخرج منه لا يخذل الوعي ولا الثقافة، فيظهر مفكر هنا ومبدع هناك.. أحدهم هو الأستاذ عدنان الجعفري وهو شاب كان شيعيا ثم ترك التشيع وأصبح يصنف نفسه كمسلم.
عدنان لديه قناة اسمها "المواجهة" والاسم ينبئ عن المحتوى، هو يواجه الجهل بالتنوير في حلقات قصيرة يبدو معها أن الرجل درس المذهب الصفوي جيدا ووضع يده على مكامن السوء الكثيرة فيه. كما أنه رجل فلسفة ومنطق ويمتلك أسلوب الإقناع بالحجج بطريقة مهذبة وراقية جدا لا تجعل محدثه ينفر منه، فلا كلمات نابية ولا لغة عاطفية مستجدية، بل قوة حجة لا أشك أن شباب العراق ينفر منها، والناظر للتعليقات يجد تطورا كبيرا بين أول حلقة "كيف تركت التشيع" والحلقات الحالية، فبعد الغضب والنيل من شخصه أصبحت هناك رغبة في البحث عن الحقيقة تتمثل بسؤال: لماذا وكيف أقنعني؟
وبعيدا عن مناظرات عدنان في خصائص وأسس المذهب الصفوي؛ يحاول عدنان تطييب النفوس ودعوتها إلى السلام، وكشف الحقائق للشعب العراقي، خاصة عند الحديث عن العلاقة مع السعودية والخليج، فتتكرر منه عبارات "إخوانكم" "عيال عمكم" و"قلي ليش تكره السعودية" وهو عنوان إحدى الحلقات التي عدد عدنان فيها ما يقوض حجة الكارهين للسعودية بدعوى الإرهاب. وفي حلقة لطيفة ذكر لماذا هو مقتنع بأن سبب سلامة العراق هو الملك سلمان، وبرر ذلك بحجج، أهمها منع الملك -حفظه الله- التبرعات للإرهاب، وحربه على الإرهابيين، وتفعيله لقوانين عدة حمت الحدود العراقية المواجهة للسعودية من الإرهابيين.
كما أنه يسأل الشعب العراقي عن داعش وعن قادتها، ثم يسألهم لماذا معظم الدواعش عراقيون وتونسيون وفلسطينيون وبعثيون سابقون يستخدمون مراهقين سعوديين هربوا من أسرهم إلى الموت؟
هذه الأسئلة تزعج العقل الذي كفنته إيران بالأكاذيب، فينتفض محاولا الإجابة فلا يجد سوى أن السعودية والعراق يجب أن يكونا في خندق واحد ضد المد الصفوي الخميني، حتى لا تصبح الأمة أمة لاجئين، كما يقول عدنان الجعفري.