فيما لا زال كثير من المؤسسات والجمعيات تستقبل الشكاوى بطرق تقليدية، أبرزها الفاكس، وتتأخر جهات حكومية في التجاوب مع الشكاوى التي تقدم لها ما يربو على الشهر، يلجأ كثيرون إلى وسيلة أسرع لإيصال شكاواهم ومطالبهم وآراءهم، وذلك خلال "هاشتاقات" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إذ تتفاعل الجهة الحكومية عندما ينساق جموع من المتعاطفين خلال "هاشتاق" يطالبون بحماية معنفة، أو رفع الظلم عن صاحب قضية في إحدى الوزارات.




قوة التأثير

قال المختص في التسويق والإعلام الرقمي أحمد المغلوث لـ"الوطن"، ‏إن "عدم تجاوب الوزارات مع أي مشكلة وقت حدوثها، كفيل بتحويل المشكلة إلى قضية رأي عام، وهناك شواهد لا تعد ولا تحصى على قوة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي أحدثت تغييرا في المجتمع، كما حدث في قضية الرضيعة المعنفة دارين". وأضاف، "كثير من القضايا يتم حلها بعد ظهور هاشتاقات حولها في مواقع التواصل"، مؤكدا أن الشكوى من حقوق المواطن، ولا بد أن تؤخذ في الحسبان بهدف تحسين مستوى الخدمة من الجهة المانحة، سواء كانت وزارة أو منشأة.


إدارة الأزمات

أضاف المغلوث، أن "على المنظمات أن تعي فعليا خطورة لجوء المواطن إلى مواقع التواصل، وأن تسهم بشكل فاعل في حل المشكلات، وذلك ممكن باستحداث إدارة لبحث الأزمات، تندرج تحت إدارة العلاقات العامة والاتصال في كل منشأة". وأبان أنه "يوجد نقص كبير من المسؤولين في فهم الأدوار الحقيقية لإدارات العلاقات العامة، إذ إن بعضها لا يتعدى دورها الدور البروتوكولي فقط"، مشيرا إلى أن هذه الإدارات يجب أن تكون على قدر عال من الشفافية والمهنية في حل الأزمات.

ويرى المغلوث أن "عدم وضوح بعض الأنظمة والتعليمات في بعض الجهات الحكومية، ربما يرهق المسؤولين والوزراء في جهاتهم، ويدخلهم في حرج في بعض الأحيان، بعد أن يتقاعس بعض الموظفين في حل بعض المسائل بطرق التواصل الاعتيادية المعروفة، والتي عادة ما تكون بالهاتف أو الإيميل أو الحضور شخصيا أو بكتابة خطاب".


إنصاف المجتمع

أوضح المغلوث أن "عدم الرد على المشكلة يؤدي إلى تفاقمها أكثر، وظهورها على سطح شبكات التواصل الاجتماعية لحشد التأييد الجماعي، وبحثا عن الإنصاف من المجتمع"، مشيرا إلى دور القطاعات الحكومية والخاصة في الارتقاء بمستوى الوعي الإداري، والثقافة الاجتماعية، للمستوى الذي تتعامل مع المواطن وحاجاته وشكواه باهتمام بالغ.


بلاغات بالفاكس

قال عضو في جمعية حقوق الإنسان "رفض الإفصاح عن اسمه" لـ "الوطن"، "الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تلقت 3420 قضية عنف ضد المرأة، و700 قضية عنف ضد الطفل منذ تأسيسها حتى الآن".

وأضاف "الجمعية ليس لديها خط ساخن للبلاغات، والقضايا التي تتابعها ترد إليها إما عن طريق الفاكس، أو البريد الإلكتروني، أو زيارة صاحب القضية للجمعية، إذ يتم دراسة صحة الشكوى والتواصل مع الجهات المعنية". وأبان العضو أن "الجمعية تتابع مواقع التواصل، وأي قضية تُطرح فيها أو في الصحف تتبناها، وتتم متابعتها بالتواصل مع وحدة الحماية الاجتماعية المعنية بتطبيق نظامي الحماية من الإيذاء وحماية الطفل من الإيذاء".


دراسة اجتماعية

أكدت دراسة أجراها الباحث معضد آل رشيد بعنوان "مواقع التواصل الاجتماعي وإسهامها في تشكيل الرأي العام تجاه قضايا الأمن الوطني السعودي" ونشرتها جامعة نايف للعلوم الأمنية عام 2016، أن "مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت قناة التواصل بين كل المؤسسات وجميع أطياف المجتمع، إذ باتت تقدم ما لدى كل مؤسسة اجتماعية للأخرى". وأضاف "هذه المواقع تقوم بدور مهم في تشكيل الرأي العام، وتعبئة الجماعات، وحشدها حول أفكار وآراء واتجاهات معينة، وزادت أهميتها خلال تحقيق مزيد من التأثير على الجماهير". ويرى آل رشيد أن "مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت للجماهير فرصة التعبير عن آرائهم، ومخاطبة بعضهم بعضا، وأصبحت فضاء رحبا يتجول فيه أصحاب الأفكار لإيصال رسائلهم إلى الجماهير، والحوار معهم بطريقة تفاعلية".

وأكد أن "من يملك مفاتيح التحكم في المواقع الاجتماعية العالمية، يملك القدرة على التحكم في الرأي العام المنبثق عن هذه المواقع، وتحقيق القيادة الجمعية، وتمرير ما يشاء من الأخبار والصور وأفلام الفيديو والآراء، لتصل خلال لحظات إلى كل مستخدم".