أشار تقرير أصدره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إلى أنه رغم الأهمية العاجلة التي تمثلها هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن المجتمع الدولي مطالب بالالتفات إلى قضية أكثر أهمية، تتمثل في إنهاء التهديد الذي تمثله إيران على العالم أجمع، ومنطقة الشرق الأوسط بصورة خاصة.

وأضاف التقرير الذي أعده السفير الأميركي السابق في العراق، جيمس جيفري، أن التجاوزات التي ترتكبها إيران بحق قرارات المجتمع الدولي، مثل استمرار برنامج تطوير الصواريخ الباليستية، وتواصل الأنشطة السالبة في دول الشرق الأوسط والتدخل في شؤونها، وتهريب الأسلحة للحوثيين في اليمن، مما يشكل تهديدا جديا لحركة الملاحة البحرية، كلها انتهاكات لقرارات دولية، يجب أن تلقى اهتماما متزايدا، ليس من الولايات المتحدة فقط، بل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وتابع أن التراخي الذي أظهرته إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، في سبيل إتمام الاتفاق النووي، أوحى لإيران أن بإمكانها الانفراد بمنطقة الشرق الأوسط، والتدخل في شؤونها كيفما شاءت، مما أدى إلى تفاقم الأزمة اليمنية، واستشراء المنظمات والفصائل الطائفية المسلحة في العراق، واستمرار الأزمة في اليمن، مؤكدا أن ساسة إيران لم يحسنوا قراءة الواقع السياسي المتغير، وقدوم إدارة أميركية جديدة، أعلنت منذ بواكيرها تغير نظرتها للمنطقة وتصديها للخطر الإيراني.


هاجس مشترك

قال التقرير "إن أنشطة إيران العدوانية باتت هاجسا يثير مخاوف العالم أجمع، وأضاف ما تقوم به إيران يمثل تهديدا أمنيا للشرق الأوسط، وللمصالح الرئيسية للولايات المتحدة، مثل استقرار شركائها الإقليميين، وتدفق النفط والغاز إلى الاقتصاد العالمي، ومنع انتشار الأسلحة النووية، ومكافحة الإرهاب. ومع أن هزيمة تنظيم داعش يبقى هدفا نبيلا بحد ذاته، فإن مواجهة الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران هدف نبيل آخر، لا يقل أهمية عن الأول، إن لم يتفوق عليه". مؤكدا أن أولى أولويات الإدارة الجديدة ينبغي أن تكون هي استعادة الأمن في العراق، وإخراج الميليشيات الأجنبية من سورية، والقضاء على التهديد الذي تتعرض له الملاحة الدولية في اليمن، وكلها قضايا أكد عليها الرئيس الجديد، دونالد ترمب، منذ دخوله البيت الأبيض.


افتعال الأزمات

أضاف جيفري "تدمير تنظيم داعش ينبغي أن يتزامن مع إنهاء الحرب الأهلية السورية، ومواجهة سعي إيران إلى الهيمنة، وعودة انخراط روسيا، مشيرا إلى تلك الأجواء تشبه التي دفعت الولايات المتحدة إلى دخول العراق. وتابع قائلا إن التضحيات الكبيرة التي قدمتها واشنطن في العراق، والخسائر البشرية والمدية الكبيرة التي تكبدتها هناك أصبحت معرضة للضياع، بسبب التدخلات الإيرانية السالبة في شؤون بغداد، وتركيزها على تحقيق أهداف طائفية خاصة بها، بعيدة عن الأهداف التي تتشارك فيها دول العالم، مثل هزيمة التنظيمات الإرهابية. مما أدى إلى اشتعال المشكلات الأمنية القائمة على أسباب طائفية، وتمدد نفوذ تنظيم داعش، وإدخال العراق في أزمة اقتصادية طاحنة، بسبب افتقار الخزينة العامة. مؤكدا أن هزيمة التطرف تكون بإبعاد الميليشيات الإيرانية التي تمنح الإرهابيين القدرة على استقطاب المقاتلين الجدد.


تسليح الفصائل

أكد جيفري أهمية التركيز على كيفية هزيمة تنظيم داعش، مؤكدا أن الأولوية في ذلك تبقى في استعادة مدينة الرقة، بالتنسيق مع تركيا وليس بمعارضتها. مشيرا إلى أهمية إقناع أنقرة بقبول تقديم دعم لوحدات حماية الشعب، الكردية للمشاركة في معركة الرقة، مشيرا إلى أن تلك القوات لا تملك سوى أسلحة محدودة يتولى تشغيلها طاقم من الجنود، وعدد قليل من الأسلحة الثقيلة. وأضاف أن حرب المدن تتطلب مزيجا متكاملا من الدبابات والمهندسين وقوات المشاة وسط إطلاق النار الداعم. وبهدف تشكيل مثل هذه القدرة المسلحة المجتمعة، يجب على الولايات المتحدة أن توفر الأسلحة الثقيلة. وحذر جيفري من تجنّب أي جهد سوري - إيراني لخرق وقف إطلاق النار المتفق عليه في الأستانة وتحقيق نصر كامل على المتشددين، مشيرا إلى أن على الولايات المتحدة دعم مقترح تركيا بإقامة المنطقة الآمنة، ومن شأن تعزيز احتمال المصالحة بين تركيا ووحدات حماية الشعب، ينبغي تعزّيز هذه الجهود. ولا بدّ من بقاء خيار تسليح الجيش السوري الحر قائما. فمثل هذه الظروف توفّر الفرصة الأفضل لفصل روسيا عن إيران وسورية.