يطل علينا مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل هذا العام بحلته الجديدة، والذي يرسخ لمبادئ وفعاليات ثقافية واجتماعية تحاكي تاريخ المجتمع السعودي، وتشير وتؤكد في الوقت نفسه أننا أمام كرنفال حقيقي، أو عرس وطني كبير، ينتظره الآلاف من المواطنين والزوار والسياح، ليس لسبب سوى أن هذا العرس يعزز الهوية الوطنية بطريقة نموذجية، كون التراث إحدى ركائزها المهمة والغنية، والدليل على المكانة التي بلغها المهرجان عبر السنوات الماضية حرص القيادة الرشيدة، ممثلة في أعلى المستويات، على رعاية هذا الحدث المحلي والدولي، وإبرازه بالشكل الذي يليق به. وتعكس الرعاية الملكية الكريمة للمهرجان اهتمام القيادة السعودية بكل ما من شأنه دعم التراث والتاريخ السعودي، وتعميقه وإضفاء الدلالات الوطنية عليه.

ويلعب المهرجان دورا كبيرا لا يستهان به في إبراز الوجه الثقافي للمملكة، بطريقة "مهرجانية وترفيهية" محببة إلى النفس، بما يتوافق مع مكانة المملكة الإقليمية والدولية، ويتواكب مع الإرث التاريخي الكبير الذي تتمتع به، واكتسبته من أمد طويل.

 ويتميز المهرجان هذا العام بتعدد الفعاليات والجوائز والعناصر والبرامج، وهو الأمر الذي يشير إلى أنه حدث متطور لمناسبة ترفيهية تحيي التراث السعودي، وتقدم الإبل كرمز لهذا التراث، بنظرة شمولية جامعة بين القديم والحديث، بين التراث والحداثة، ولذلك ليس غريبا أن يعلي المهرجان من القيمة المضافة للإبل التي أصبحت رفيقة للإنسان في حياته اليومية، وقاومت كل المتغيرات.

ولعل ما يلفت النظر في هذه النسخة من المهرجان، الأشياء الجديدة التي جاء بها، ومنها اتجاه وزارة الزراعة للترقيم الإلكتروني للإبل المشاركة في المهرجان، بهدف تحقيق أقصى درجات التحوط الصحي التي تضمن بيئة صحية عالية الجودة، والجميل في هذه الخطوة أن لها بعدا اقتصاديا ووطنيا وبيئيا يرسخ له المهرجان في المجتمع السعودي.

والجديد أيضا أن للمهرجان هوية جديدة تستحدث للمرة الأولى، وأكدت ذلك إدارة المهرجان عندما أعلنت أن الهوية الجديدة ستضيف عمقا وديمومة وتعميقا للمهرجان، ولعل الرائع في الأمر أن الهوية تتكون من مكونين، الأول شعار المهرجان الذي يتكون من رأس جمل يرمز لجمال الإبل وموافقته التراث السعودي وعلاقته المتصلة الدائمة بالصحراء وبيئة الإبل العامة، والمكون الثاني يتضمن عبارة ترويجية "الإبل.. حضارة" التي تحمل دلالات عدة.

ما أحب أن أنصح به الآن التأكيد على جميع المواطنين في هذا البلد المعطاء، التعاطي مع فعاليات المهرجان، والتفاعل الكامل معه، واستثماره لتحقيق كامل الأهداف المرجوة منه، حيث أرى أن المهرجان مناسبة لتعزيز الوطنية وترسيخ مبادئ الولاء لهذا الوطن، والتقارب بين الأجيال، بمعرفة التاريخ والجذور والعادات التي كان عليها الآباء والأجداد.