يسترفد الإنسان العربي منذ أقدم العصور صورة حية ومدهشة للمرأة، في بوحه غير المتناهي، وحيز حياته المكتظ بالعشق والوله، والعاطفة المشبوبة، والبكاء على الأطلال، والفرح المعتق والحزن الغائر، والفقد واللوعة والخيبة والمرارة، والغواية والحلم المكبل بالجراح، والفناء الجسدي، وإثارة المخيال والحيرة والمكابدة، فنسق الواقع يبلل وجدانه منذ فجر الكون، بالقولبة الشعرية وإكسير الغرام، ومرايا الشجن ودفء التصور، "إن النساء رياحين خلقن لنا....وكلنا يشتهي شم الرياحين"، ولكن "المتنبي" ذلك المارد الشعري، العابر للعصور، اكتشف نوازع الذات عند المرأة المتطابقة مع حقائق الوجود وسنن الكون، المحددة لمسار حياة "الأنثى" ونمط تفكيرها، بعيدا عن صورة الاستحواذ الأبدية في الذهنية، من حيث الرقة والعذوبة والوفاء، والنعومة والهاجس العاطفي، ورهافة المشاعر ورقة الوردة، يقول المتنبي: "ومن خبر الغواني فالغواني..ضياء في بواطنه ظلام"، ويبدو أن الباحثة "سلمى مجدي" استمدت من المتنبي بواطن الظلام، ليكون مفتاحا لبحثها عن طبائع السلوك والتخلق الفعلي عند بعض النساء، من حيث المخزون الإجرامي المدمر، وبذرة الشر والعنف، حيث روت في كتابها "أسوأ النساء في التاريخ"، أكثر من 40 امرأة كنموذج بشري في غاية السوء، ممن تملكهن الشر، فرحن يقتلن ويدمرن ويخربن ويشوهن وجه الحياة، وقد اهتم علماء الاجتماع الجنائي وعلم النفس وعلم الإجرام بدراسة تلك الظواهر، وخرجوا بتقارير تؤكد أن "المرأة لا تختلف عن الرجل في سلوكها العدواني، وربما تتفوق عليه لكونها تستخدم الدهاء والحيلة ووسائل الإغراء"، وقد أوردت الباحثة ضمن دراستها "ثلاث" نساء ورد ذكرهن في "القرآن الكريم"، ومنهن امرأة "نوح" عليه السلام، وهي "واغلة" وقيل "والغة" كما ورد اسمها عند القرطبي وابن كثير رحمهما الله، وامرأة "لوط" عليه السلام، و"عنيزة بنت مجلز" التي سعت لقتل "ناقة الله"، ولم تغفل الباحثة في دراستها ذكر "سالومي" كأبشع جريمة عرفتها البشرية، وذكر "دليلة"، التي ورد ذكرها في العهد القديم "التوراة"، والتي تروي قصة المرأة التي أغوت الرجل الجبار، واستدرجته ليبوح بسره الذي أعيا أعداءه "شمشون ودليلة"، وذكرت الباحثة بعض النماذج السيئة من العصر الحديث مثل "ريا وسكينة"، والملكة "نازلي صبري" أم الملك "فاروق"، وأطلقت عليها "الملكة الكارثة" و"هبة سليم"، أشهر الخونة والجواسيس في تاريخ العرب الحديث، والتي قالت عنها "جولدا مائير": "لقد قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل"، وقد أمر الرئيس "أنور السادات" بإعدامها رغم محاولات أميركا إنقاذ رقبتها.