أتاحت لي فرصة زيارة بعض الأجنحة المهمة في الجنادرية، والتي تتعامل مع الموارد كالمياه والطاقة والثروات الزراعية والسمكية، ومنها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الإجابة عن بعض الأسئلة والاطلاع على ما يدور اليوم في مملكتنا الغالية حول الطاقة وتقليل الهدر والاستغلال الأمثل للموارد.

لا شك أنكم مثلي تعرفون كثيرا عن أنواع الطاقة المتجددة، كطاقة الرياح والأمواج والحرارة الجوفية؛ والأهم منها بالنسبة لنا الطاقة الشمسية التي تعد نعمة عظيمة من النعم في هذا المجال، لأنها متوافرة في كل شبر تقريبا من أرضنا.

نقلا عن واس في برلين في منتدى الشباب السعودي عام 2011، صرح خبير ألماني تصريحا مدويا، بأن الربع الخالي لن يكون خاليا، مؤكدا أن الطاقة الشمسية التي تحظى بها أرض المملكة يوميا تكفي لإمداد العالم بضعف ما يحتاج من الطاقة!.

هذا التصريح يعيدنا إلى مشروع كان نقلا لتجربة تمت في أميركا في استغلال طاقة الشمس لإمداد قرية العيينة بالكهرباء عبر الطاقة الشمسية وهو مشروع بدأ العمل عليه عام 1400، وكان مقررا للمشروع أن يمد العيينة بالكهرباء لسنتين، ولكنه استطاع الاستمرار أربع سنوات، وسُجل خلاله عدد كبير من براءات الاختراع في هذا المجال، وتوقف المشروع الذي كان مؤقتا بعد إمداد المدينة وما جاورها بالكهرباء من شركة الكهرباء.

تجربتنا مع الطاقة الشمسية تقارب الأربعين عاما، وقامت مدينة الملك عبدالعزيز بتطبيق إمدادات على بعض المباني التعليمية والمساجد المجاورة لموقع المدينة بالرياض.

وهناك رسالة واضحة في موقع المدينة على الإنترنت في المركز الوطني لتقنية الطاقة الشمسية التابع لها تقول: إن دور المدينة في مجال الطاقة الشمسية يهدف إلى (التوصّل إلى حلول تقنية مبتكرة لتقنية الطاقة الشمسية بكفاءة اقتصاديّة تساعد على تلبية الطلب المحلي والعالمي المتنامي على الطاقة).

هذا الدعم الذي تقوم به المدينة أسهم في إنشاء مصانع لألواح وبطاريات الطاقة الشمسية، ولكننا كمستهلكين ربما لم نلمس هذا كثيرا، في وقت هناك مطالبة بيئية اقتصادية للتحول لتوفير الكهرباء من الطاقة الشمسية، ومزجها مع الكهرباء القادمة إلى المنازل.

أخبرني الموظف في جناح المركز الوطني لتقنية الطاقة الشمسية بجناح المدينة في الجنادرية، أن التحول لاستغلال طاقة الشمس يبدأ من اختيار الأجهزة التي توفر الاستهلاك، وحساب استهلاك المنزل، وبناء عليه يتم شراء عدد من الألواح الشمسية تناسب الاستهلاك، وتركيبها في المنزل لتزويده بالطاقة التي يحتاجها خلال النهار، وإن صاحبها بطاريات تخزين يمكن أن تخزن الطاقة لفترة الليل أيضا.

الفكرة الحلم في رأيي أصبحت ممكنة جدا، تخيلوا أننا سنأمن انقطاع التيار الكهربائي في حرارة الصيف اللاهبة، وتذكروا أننا سنتخفف من عبء فواتير الكهرباء التي ستبدأ في الارتفاع تدريجيا، والتي تصبح عبئا على دخل كثير من المستهلكين، وترتفع بشكل كبير صيفا مع وجود الدعم.

المرحلة تتطلب منا كمستهلكين وعيا بأنسب الحلول للاستفادة من هذا المصدر، فهل يكون دور الدولة دعم المصانع المنتجة لهذه الألواح، أو إعفاء ألواح الطاقة الشمسية من الضرائب، كما اقترح أحد المختصين في هذا المجال، ليتمكن المواطن من تركيبها بتكلفة أقل؟، وهل يمكن للبنوك أو لشركة الكهرباء بالتعاون مع المصانع تركيب هذه الألواح والقيام باللازم للبدء في استخدامها على نطاق أوسع وصيانتها بمبلغ مقبول يضاف إلى الفاتورة الشهرية حتى ينتهي سداد القيمة؟.

الموضوع مهم جدا، ويحتاج أن ندرك أننا أمام مرحلة تستلزم اتخاذ خطوات مهمة، فالجهود المبذولة كبيرة جدا تشكر عليها مدينة العلوم والتقنية والمصانع المنتجة، لكن الحلقة التي تربط الجهد بالشريحة الأكبر من المستهلكين واهية.

حبذا لو بدأنا بكل جهد ممكن لتعميم الفكرة عن طريق تطبيقها على أماكن مهمة وملموسة للناس، وعقد المقارنات قبل وبعد، وربطها مع ما يوفر استهلاك الطاقة كالعزل الحراري، بهذا نوقف هدر مواردنا، ونتخفف من حرارة الشمس، لنحولها إلى نسمات عليلة تنساب بلا ثمن!.