أدريان أ.باسورا* كينيث يتلويتز**
لا يمكننا أن "نجعل أميركا بلدا عظيما مرة أخرى" ما لم تكن أميركا آمنة سواء في الداخل أو في موقفها العالمي، ولكن ماذا يعني ذلك بالنسبة للديمقراطية؟
خلال العقد الأول بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991، كان هدف الرئيس جورج اتش دبليو بوش أن تكون "أوروبا موحَّدة وحُرة" وأن ينعم العالم بالسلام والاستقرار. وبعد اختفاء تهديدات الحرب الباردة القاتلة، بدأت الثورات الديمقراطية تجتاح أوروبا الشرقية وغيرها، مما خلق تفاؤلا بتقدم مستمر لنظام ليبرالي عالمي.
الآن، وبعد عقدين ونصف من الزمان، بدأت الأحوال تسير عكس هذا الاتجاه، حيث هزَّت عودة السلطوية في أوروبا وأماكن أخرى على مدى العقد الماضي ثقتنا في استمرار هيمنة الديمقراطية الليبرالية والأسواق الحرة والحدود السلمية على النظام الدولي بعد الحرب الباردة.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت "القوة العالمية العظمى الوحيدة" منذ تسعينات القرن الماضي، فلقد أصبح نفوذها العالمي وقوتها الفاعلة يواجهان الآن تحدي الصين وروسيا، فضلا عن ضعف الاتحاد الأوروبي والانقسامات الداخلية الحادة التي كشفت عنها حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
والآن تواجه الولايات المتحدة وأوروبا تهديدات الإرهابيين الراديكاليين وتحديات الأنظمة الاستبدادية التوسعية، وكذلك التضليل الإعلامي الواسع النطاق والهجمات الدعائية المغرضة.
روسيا والصين قوتان استبداديتان رئيستان في العالم، تقودان الطريق لتعزيز نموذجيهما، ويدعوان دوليا لنموذج سلطوي بديل على أساس القومية والقيادة الاستبدادية، وقمع حقوق الإنسان وسيادة القانون. وروسيا، من خلال تدخلها السري في الانتخابات الأميركية، والعمليات العسكرية في أوكرانيا ودعم القوات اليمينية الشعبوية في أوروبا، تعمل على تقويض نظام المؤسسات الليبرالية والقوانين والقواعد السلوكية التي تربط أوروبا بالولايات المتحدة. وللأسف، هذا النموذج البديل يكتسب أرضية في أوروبا وأماكن أخرى. وتشمل قائمة الديمقراطيات الجديدة الواعدة المجر وتركيا وتايلاند والفلبين وكذلك بولندا الآن.
الواضح أن كثيرا من تركيز الإدارة الأميركية الجديدة سيوجَّه نحو التهديدات الإرهابية وإخماد جاذبية الأيديولوجية الراديكالية التي يتعرض لها الشباب سريع التأثر. وفوق كل ذلك، يجب أن تولي أميركا مزيدا من الاهتمام لآفاق التحول الديمقراطي ومواجهة المضادات السلطوية. وفي الوقت نفسه، يجب على الأميركيين تأكيد الالتزامات والمعايير الديمقراطية الخاصة بمعالجة الانقسامات والتحديات الاقتصادية. وإذا أُريد للديمقراطية أن تستمر في الازدهار، فليس هناك أكثر أهمية من أن نكون أوفياء للقيم والمبادئ الأميركية وحمايتهما على الصعيد العالمي.
*سفير أميركي سابق لدى جمهورية التشيك ومدير برنامج للسياسة الخارجية
**مدير برنامج حل الصراعات بجامعة جورج تاون وزميل عالمي بمركز وودرو ويلسون
مجلة (ذا ناشونال إنترست) - الأميركية