من تسبب في إقالة الدكتور عبدالله مناع من رئاسة تحرير مجلة اقرأ عام 1987؟ يخوض الزميل توفيق حلواني في تداعيات هذا السؤال، متناولا قوة وبأس الكاتب الصحفي محمد أحمد الحساني، في كتاب صدر أخيرا عن مطابع دار العلم، حمل عنوان «الحساني» وعنوانا فرعيا «المبحر وحيدا، إطلالة على سيرته وفكره».

على مدى قرابة 300 صفحة من القطع المتوسط، ضمت عدة صور تاريخية للحساني عبر مشواره الصحافي والأدبي طيلة 50 عاما تقريبا، حاول الحلواني تقديم صورة بانورامية عن واحد من أقوى وأشهر الأقلام الصحفية التي شهدتها الصحافة السعودية في العقود الخمسة الأخيرة. قالت عنه الدكتورة عزيزة المانع في الكتاب «سمتان نادرتان، هما الصدق والترفع عن النفاق. فلا أذكر أنني قرأت للحساني مقالا تشم منه رائحة المهادنة أو التزلف أو استرضاء فئة بعينها أو التقرب من أحد».


غلطة غير مقصودة

يورد الحلواني في الكتاب ما رواه الدكتور المناع في كتابه «بعض الأيام.. بعض الليالي»، والذي ذكر فيه أنه خُدع من صديقيه محمد الفايدي، ومحمد الحساني، عندما وثق فيهما وطلب حذف فقرة غير مناسبة من مقال «الغاضبون من الحق يغضبون»، الذي يرد فيه على بعض خصومه، ولكن صديقيه أرسلا المقال إلى المطبعة لينشر كما هو دون حذف تلك الفقرة، ما أدى إلى توقيف رئيس التحرير المناع عن عمله في رئاسة التحرير والتحقيق معه ومع الحساني، من قبل لجنة انتهت إلى إيقاف الحساني لمدة عامين عن الكتابة والعمل الصحفي، وإقالة رئيس التحرير من منصبه.

ذكر الحساني في الكتاب أنه نشر مقالا بتاريخ 12/‏6/‏ 1407 تحت عنوان «أدعياء لا أوفياء»، ينتقد فيه ادعاء نفر تجمعوا للتشاور لإنشاء مركز طبي في أم القرى، فانبرى للرد عليه ثلاثة كتاب في ثلاثة مقالات. يتابع الحساني: «رددت عليهم بمقال »الغاضبون من الحق يغضبون«، وعندما قدمته للدكتور المناع أجازه، ولكنه توقف عند فقرة وحاورني في مسألة شطبها، فلم أمانع، ولكنه لم يشطبها، بل وضعها بين قوسين عريضين، وطلب مني تسليم المقال لمسؤول المقالات محمد الفايدي، وإبلاغه بالاتفاق حول تلك الفقرة. ذهبت للفايدي وأخبرته برأي رئيس التحرير، لكنه رد علي بقوله »هذه الفقرة هي أقوى فقرة في المقال، دع الأمر لي سأتفاهم مع رئيس التحرير«، ثم فوجئت بنشر المقال دون حذف تلك الفقرة الحساسة، وتلا ذلك منعي من السفر وتوقيفي عن الكتابة لمدة عامين، وإقالة الدكتور المناع». ويسرد الكتاب شهادة الحساني في المناع، وشهادة الفايدي في الحكاية التي جاء منها «أما بخصوص نشر المقال، الذي تسأل عنه دون حذف ما وضعه رئيس التحرير بين قوسين، فأكتفي بالقول» كانت غلطة غير مقصودة».




رعشة الرماد

يستهل الكتاب فصله الأول بتأصيل للحساني وتناول انتماءه لقبيلة هذيل ومساكنها عند سفح عقبة الهدا وما حولها جنوب شرق مكة المكرمة، لافتا إلى أن»الحساسنة«فرع من هذيل يسكنون وادي نعمان وإليهم ينتمي جد الحساني حميد، وهو آخر أجداد محمد الحساني الذين عاشوا في تلك المنطقة. وتناول هذا الفصل نشأة الحساني في»ريع الرسان«حتى تخرجه في معهد المعلمين عام 1389 وتعيينه مدرسا في بيشة، ثم نقله إلى مكة ليكون قريبا من أسرته التي أصبح يعولها بعد رحيل والده. ويسرد الفصل الثاني قصة دخوله بلاط الصحافة عام 1394، وتحديدا جريدة الندوة، وانطلاقه عبر قسم المحليات إبان تألقها كواحدة من أقوى الصحف السعودية في تلك المرحلة، وتتالت فصول الكتاب الحساني شاعرا، وديوانه»رعشة الرماد» الصادر عام 1397 عن نادي مكة الأدبي، ثم ديوانه الموعد والمساء 1412.