قبل أيام أعلن وزير التعليم عن مبادرة التأمين الصحي للمعلمين، وإن اختلفت ردود الأفعال حول أهميته من عدمه، إلا أن الفكرة هنا ليست مع أو ضد، بل هي تساؤل عن تفرد بعض قطاعات التوظيف بطرح مزايا أو حتى دراسة تطوير ما يقدم لموظفيها من حوافز مستقبلية، بينما قطاعات أخرى لا تناقش هذا الأمر بالكلية أو حتى ليس لديها الصلاحيات لفعل ذلك، لأنه ينظر إلى موظفيها على أنهم الأقل عبئا وجهدا في المهام من سواهم، وإذا قيم الأمر بهذه الطريقة، أليست وزارة الخدمة المدنية هي من وضعت معايير لمنح الإجازات، وحتى المستحق المالي الشهري والعلاوة السنوية لكل وظيفة؟ وبحسب تصنيفها للوظائف، بحيث يتقاضى كل موظف راتبا شهريا بحسب مهام عمله، وهنا تتعادل الأمور، وإن رأت مستقبلا أن للموظفين الحق في طرح مميزات إضافية، فيجب أن تشمل الجميع وفي كل القطاعات وهي من تبادر لذلك، كونها المسؤول المباشر عن قطاعات الوظائف المدنية جميعها، وهذا من باب المساواة، فليس من العدل أن يتمتع موظفو قطاع ما بالإجازات والدخل المادي العالي، وغيرهم لا إجازات ولا بدل ولا مميزات مستقبلية، حتى زملائهم من أصحاب الجهد والاجتهاد تقلصت أعباؤهم الوظيفية بفضل التقنية الحديثة، وقلصت المهام بشكل واضح، حتى والبعض لا يزال يتشكى، إلا أن واقع الحال يشهد. والعودة للتوضيح أن التأمين الطبي ليس هو المثير، فهو أحد المميزات المطروحة، والبقية كما يقال جار العمل عليها. صحيح أن الفكرة عارضها الكثير ونعتقد إن لم تصب في مصلحتهم، فإنها لن تُقر أو تطرح كخيار، وهذا من الأمور الجيدة أنك كموظف تشغل بال مديرك ليستمر في البحث عن الإجراءات التي تريحك أو ترفع روحك المعنوية فيزداد عطاؤك، وهذا الأمر مع الأسف غائب إلا القليل منه.

هناك بعض الإداريين دائم التوجس والشك من أن موظفيه يتآمرون عليه، ولن نجحف ونقول الكل، لكن أغلب بيئات العمل تفتقد بالفعل الانسجام والعلاقات الطيبة بين كوادرها، وقد تصبح بين موظفي القطاعات فيما بينهم بسبب هذا المزايا التي تخصص للبعض دون سواهم، ممن يبذلون جهودا جبارة يستحقون عليها التكريم والمزايا، وعودة إلى المعلمين مباركين فحسب على ما يحظون به دائما وأبدا من اهتمام ورعاية، راجين منهم أن يخلعوا شيئا منه على الميدان التربوي التعليمي الذي استودع فيه الكثيرون فلذات أكبادهم، ليتلقوا العلوم التي تبعث فيهم روح التسامح وحب الحياة.