سعود الجعيد


من خلال ماشاهدته في بعض الدوائر والمؤسسات، وجدت أن الموظف يقضي طوال فترة عمله وهو مخدوع بمن حوله من الأصدقاء الذين يرتدون الأقنعه، ويظهرون المحبة الكاذبة، وتمضي بك الأيام أيها الموظف المسكين وهم من حولك يضحكون لك ويبذلون كل ما في وسعهم من أجل إسعادك، وتنخدع بهم كثيرا، فقلبك الطيب يصور لك أن هؤلاء هم الأصدقاء الخاصون، ولا تصحو إلا عندما تترك هذا العمل وتتقاعد، لترى بعدها العجب، فكل من كانوا حولك لم يكونوا أصدقاء كما كنت تظن، بل هم مجموعة من المنافقين وأصدقاء المصلحة، الذين لا يربطهم بك غير ذلك العمل الذي كنت فيه. وجوه غادرة ماكرة أبدعت في التمثيل عليك، وجوه تجردت من الحب والصدق تعيش على حب المصلحة فقط، لا تهمهم أخلاقك أو تعاملك الراقي معهم، لأن كل ما يهمهم كان يتمثل في تلك المكانة الوظيفية التي وهبها الله لك يوما.

كانوا يتباهون بك في مجالسهم، ويحرصون على السؤال عنك والاهتمام بك، ولكنك اليوم وبعد تقاعدك ظهروا على حقيقتهم، فهم أول من يتنكر لك، وأذاقوك مرارة الجحود، وابتعدوا عنك، فأنت بالنسبة لهم انتهيت ولم تعد تنفعهم بشيء. تحاول أن تفيق من هول الصدمة، ولكن غدرهم كان أقوى، وكانت قلوبهم أقسى، لم تكن تدرك أيها الإنسان الطيب أن معظم من كانوا حولك لا يستحقون منك كل هذا الحب، ولم تدرك أن هناك أناسا يعيشون حولك بألف وجه ووجه، أناس مخادعون لم يصدقوا يوما في محبتهم لك، تشعر وقتها بالندم، وينتابك شعور بالألم والحسرة على كل ما قدمته لهم من حب وصدق لم يكونوا يستحقونه، وللأسف هذا النوع من البشر لا يزال موجودا، وتراهم بكثرة يحومون حول فرائسهم بوجوه ملونة، ويجيدون التمثيل لدرجة أن من يتعامل معهم يصدقهم ويثق بهم وهو لا يعلم أنهم مخادعون، إلا بعد أن يتقاعد من عمله، فينكشف عنهم الغطاء ويظهرون على حقيقتهم الزائفة، فالحذر منهم، والانتباه إلى مثل هذه الوجوه الماكرة قبل فوات الأوان.