دائما ما يتساءل المسؤولون عن سر تركيز الصحافة على الأخطاء، سيما إذا كان الخطأ حدث ضمن سلسلة من النجاحات، وهذا سؤال منطقي جدا، وبما أنني – بشكل أو بآخر- محسوب على الصحافة، رغم أنني هنا لا أمثل الصحافة ولا الصحيفة، بل في أحيان كثيرة لا أمثل نفسي بقدر- ما أحسب- أنني أمثل الناس، لكن هذا لا يمنع من أن أوضح وجهة نظري، فأقول مستعينا بالله: الإعلام بشكل عام لا يبحث عن الفشل، لكنه يبحث عما يخالف السائد، فالنجاح – في الوزارات الخدمية تحديدا- يدركه المواطن على أرض الواقع قبل الإعلام، ولهذا لن يأتي الإعلام بجديد عندما ينشر خبرا عن نجاح أو تميز عايشه الناس، لكن الإعلام مطلوب منه أن يتحدث عن خطأ بسيط قد لا يدركه المسؤول، رغم أن تأثيره كبير على المواطن، لكن غير المبرر هو أن يعتقد المسؤول أن الحديث عن الأخطاء هو نوع من «التصيد»، رغم أنه بالإمكان وبمزيد من الوعي والتسامح، أن يعتبر ذلك خدمة له لإصلاح خطأ بسيط سيُضاف للنجاحات. من هذا المبدأ تحديدا أنطلق لصُلب مقالتي، ففي الوقت الذي تعدى فيه المواطن مرحلة اليأس ليصل إلى مرحلة القنوط من أمل تحسن الخدمات الصحية، بل إن الذاكرة الجمعية ألفت وصف وزارة الصحة بأكملها بأنها «محرقة الوزراء»، ففي جعجعة الصحة تبتهج وتفرح وتكاد تغني طربا، عندما تجد نموذجا مضيئا بين الركام. الفرحة أولا أن تستطيع أن تقول باسم الناس «شكرا سعادة المسؤول»، أما الأهم فهو جرعة التفاؤل عندما ينجح مسؤول في مكان يئس الناس منه، وكأن الرسالة واضحة «ستنجح إذا أردت أنت ذلك»، فقد كنت لجهلي أحسب أن اليد الواحدة لا تصفق، لكنني اكتشفت مؤخرا أن اليد الواحدة تستطيع أن تحرث وتزرع وتجعل التصفيق لأهله! هذا ما حدث خلال بضعة أشهر فقط في الشؤون الصحية في حفر الباطن بإدارة ناصر الصافي. بضعة أشهر فقط! لا أدري ماذا حدث بالضبط، لكن ما شعر به المراجع للمستوصفات والمستشفيات أنها أصبحت «تخدم» الناس «بالمعنى الحرفي لكلمة تخدم». لم أشاهد له تصريحا أو صورة ترويجية، بل إنني استعنت بجوجل، لأتأكد من اسمه الصحيح. خطة عمله كانت واضحة «ماذا يريد الناس؟»، ومن اليوم الأول فتح الباب الأهم لسماع الناس، إذ كتب في صفحته بتويتر: «كل ما يرد في المنشن سوف أقرأه»، وفعلا كان وما زال يتفاعل بشكل إيجابي مع كل معاناة للبسطاء الذين لا يرتدون المشالح، سأخذل الأستاذ الصافي وأقول له: لا يهمني المشاكل والصراعات و«المتنفذين» الذين يتربصون بما يقترب من مصالحهم، ما يهمني فقط ألا نعود للسبات، نريد ولو تجربة وحيدة تقنعنا بأننا نستطيع أن نقف بوجه الظروف وننجح. مللنا من قبل من «الكليشه» الممجوجة «أبوابنا مفتوحة للجميع». نريد من الآخرين أن يطبقوا مقولة «ما يرد في المنشن سيُقرأ»، فهذه الطريقة نجحت مع الدكتور الربيعة عندما كان وزيرا للتجارة، وأخاله – الربيعة- لم يتخل عنها، بقدر ما يبحث عن طريقة أقرب من «المنشن» ليصل صوت الناس!