لم تجد الميليشيات الانقلابية وسيلة للتهرب من مسؤوليتها عن وفاة عدد من المعتقلين، بسبب التعذيب الذي تمارسه بحقهم في معتقلاتها، سوى إصدار تقارير مزورة عن وفاتهم لأسباب مرضية، كما ترغم ذويهم على عدم عرض الجثث على مستشفيات خاصة، ودفنها بسرعة، بحضور مندوبين حوثيين.




لجأت ميليشيا الحوثيين الانقلابية وفلول حليفها المخلوع، علي عبدالله صالح، إلى أسلوب جديد للتنصل من مسؤولياتها أمام حالات موت المعتقلين التي وقعت في سجونهم السرية جراء عمليات التعذيب، من خلال تزوير حيثيات وفاتهم الواردة في التقارير الطبية الصادرة عن «الطب الشرعي» في المستشفيات الحكومية الخاضعة لسيطرتهم. وكشف أطباء وحقوقيون يمنيون إلى «الوطن» عن تصاعد عمليات تزوير التقارير الطبية بحق كل من يسقط قتيلا داخل أقبية سجون الانقلابيين السرية في العاصمة صنعاء، جراء تعرض المعتقلين لصنوف مختلفة من وسائل التعذيب التي يؤدي بعضها للموت.


إلزام الأهالي

الملفت في مسألة تزوير التقارير الطبية هو إلزام أهالي المعتقلين اليمنيين بعدم عرض جثث ذويهم على المستشفيات، والاكتفاء بما ورد في نصوص تقاريرهم المزيفة، والقبول بها. وتطور الأمر من مسألة تزوير التقارير، إلى ما هو أكبر من ذلك، خشية فضح ما دونته روزنامة التقارير المزيفة، كون الوفاة طبيعية، أو بسبب مرض عضال يحمله المعتقل، من خلال إلزام الأهالي بالقوة الجبرية العسكرية، بدفن جثث ذويهم بشكل فوري دون أي تأخير، وتحت إشراف مندوبين حوثيين، خشية الكشف عن أسباب الوفاة.


الصعق الكهربائي

من الحالات التي كشفتها اللجان الوطنية اليمنية، المعنية بتوثيق ما يرتكبه الحوثيون في سجونهم السرية، وتزويرهم التقارير الطبية، من خلال سيطرتهم على جهاز الطب الشرعي، وفاة الطالب في كلية الهندسة البترولية بجامعة حضرموت، ياسر أحمد الناشري. وتشير التقارير الحقوقية إلى أن الناشري كان عائدا من محافظته حضرموت، عندما استوقفته نقطة عسكرية تابعة للانقلابيين عند مداخل العاصمة صنعاء، بحجة أنه تابع للمقاومة الشعبية. وبعد عمليات التعذيب التي أصابته بشلل كلي، نقلته ميليشيات الحوثي – صالح إلى مستشفى القدس، موهمين إدارتها بأنه يعاني من أورام سرطانية، وظل هناك 90 يوما دون أن يلاحظ عليه أي تحسن. وبعد أن تدهورت حالته سلمه الانقلابيون إلى أسرته التي نقلته لمستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، وبعد إجراء عدة فحوص طبية تبين أنه لا يعاني من أي أمراض سرطانية، وأن الأورام الواضحة على جسده نجمت عن تلقيه عدة ضربات وصعقا كهربائيا في رأسه، أسفر عنها حدوث تقيحات في الدماغ، توفي على إثرها بعد شهر من دخوله للمستشفى.