معاناة النقل الجوي في المملكة تجعلك تفرح بأي شركة طيران جديدة تدخل إلى الخدمة, النقل الجوي هو العمود الفقري والمحرك الأساسي للتنمية، قبل أكثر من ستة أشهر كنت أسمع أن هناك شركة من دبي ستخصص عددا من الرحلات بين دبي وأبها. كان لدي تساؤل عن إقدام شركة للعمل في المملكة بينما لدينا شركات طيران تتوقف والأخرى تخسر. فعلا بدأت شركة "فلاي دبي" في الطيران من أبها إلى دبي . مثل هذه الشركات لا تقوم بهذه الخطوة إلا بعد دراسة وافية تطمئنها على أنها في نهاية المطاف ستحقق أرباحا . وقفت عدة مرات أمام إعلان الشركة عن بدء هذه الخدمة الجديدة وهل ستكون إضافة لاقتصاد المملكة أم عبئا عليه !! قبل الإجابة على هذا السؤال لا شك أن هناك مزايا مهمة للمسافرين وهم بحاجة لها ومنها اختصار المسافة وتوفير مقاعد بين جنوب المملكة ودبي وخاصة لرجال الأعمال, ومطار إقليمي بحجم مطار أبها وعدد سكان المنطقة بحاجة إلى تحويله إلى مطار دولي . ولكن هناك تساؤلا مهم وهو من هو المستفيد الأول من هذه الخدمة !! لا شك أن الإجابة أنه "اقتصاد دبي" كيف !! "معظم" المغادرين على تلك الرحلات هم من يذهب للسياحة وقضاء الإجازة في دبي، هؤلاء يغادرون المطار محملين بعشرات الآلاف من الريالات ويعودون خاليي الجيوب بعدما صرفوها في اقتصاد دبي . كم مسافر يغادر على كل رحلة !! كم رحلة تغادر أسبوعيا ثم شهريا ثم سنوياً!! كم سيصرف هؤلاء في دبي !! في النهاية هذه أموال تغادر البلد وتصرف في موقع آخر .

الكثير من دول العالم تضع من التشريعات ومن المزايا ما يسهل قضاء المواطن للإجازة في بلده ضماناً لصرف تلك المبالغ داخل البلد . ماذا لو أن لدينا خطا جويا بين أبها وفرسان، أو أبها والقنفذة، أو أبها وجازان وهكذا مع بقية مناطق المملكة.

توسيع منافذ السياحة في بلدنا سيؤدي إلى التشجيع على قضاء جزء من هؤلاء إجازاتهم في بلدهم وصرف تلك الملايين للمملكة . هيئة السياحة والآثار لم تدخر أي جهد لتحقيق هذا الهدف ولكن يبقى النقل الجوي العائق أمام هذا الهدف. فلاي دبي والسعيدة وبعدها طيران مصر التي بدأت تغادر مطار أبها وغيرها من مطارات المملكة تغادرنا وهي محملة بمئات الآلاف من الريالات لتنصب في اقتصادات تلك الدول وتعود إلينا (خاوية) لتبدأ مشوارا آخر من الاستنزاف وكان الأولى أن تنفق تلك المبالغ في مدن هي بحاجة لها كفرسان، جازان، القنفذة , العلا وغيرها.