ما يزال تنظيم داعش يواصل إنعاش نفسه حتى آخر لحظة، وذلك من أجل التصدي للهجمات التي تشنها القوات العراقية على آخر موطئ له في العراق، إذ ابتكر في الآونة الأخيرة وسيلة جديدة للحصول على مدرعات فتاكة، وذلك عبر تحويل سيارات الدفع الرباعي الأميركية الصنع، إلى سلاح قادر على قتل عدد كبير من الضحايا.

تكشف المدرعة المطورة عن مستوى رفيع من المهارات التي استطاع «داعش» اكتسابها منذ استيلائه على مساحات واسعة من العراق وسورية عام 2014، إذ إن هذا الابتكار المدمر لفت انتباه عدد من الخبراء العسكريين الدوليين، الأمر الذي يشير إلى إمكان أن يطول الصراع بينه وبين التحالف الدولي الذي يقاتله، فضلا عن تأخر الاستعدادات الأخرى لطرده من مدينة الرقة السورية.

إن هذه الابتكارات لدى «داعش»، تؤكد وجود كفاءات وعقول لدى عناصر التنظيم، لا يجب الاستهانة بها، إذ إن هذه الابتكارات أرسلها بالفعل إلى مناطق سيطرته في الشرق الأوسط وإفريقيا وبعض دول الغرب، في وقت يفتقر التنظيم إلى مصانع أسلحة معقدة، بسبب أنه محاصر من السوق العالمية.

لقد استفاد «داعش» من بعض الوسائل التي ابتكرها الجيش الأميركي إبان غزوه العراق عام 2003، عندما غطى عرباته غير المدرعة بألواح معدنية مأخوذة من سيارات متهالكة من أجل الوقاية من القنابل المتفجرة، التي كانت تزرع حينها على جنبات الطرق، إلا أن السيارة المضبوطة حاليا تم تطويرها بشكل أكبر، إذ جهز عناصر التنظيم ألواحا معدنية ملحومة، وفتحات لمدافع رشاشة في أعلاها وجوانبها، الأمر الذي أكسبها ميزات عن السيارات القديمة الأشبه بالخردة، والتي تشاهد في أنحاء البلاد حاليا.

بحسب التاريخ العسكري، ظهرت الابتكارات العسكرية للمرة الأولى خلال الحرب العالمية الثانية. ففي عام 1940 افتقر الجيش البريطاني إلى العدد الكافي من المدرعات العسكرية، وخوفا من الغزو الألماني، غلّف البريطانيون شاحنات مدنية بألواح معدنية، واستخدموها في حماية مطاراتهم الحيوية.

كما أنه في نهاية السبعينات الميلادية، وجدت قوات تشادية نفسها في مواجهة جيش ليبي أفضل عتادا وعناصر، وبسبب افتقارهم إلى الأموال، أضاف التشاديون أسلحة رشاشة ومطلقات صواريخ لقرابة 400 شاحنة مدنية، الأمر الذي مكنهم من التغلب على الدبابات وناقلات الجند الليبية المدرعة.

أما في سورية والعراق، طور «داعش» مستوى تلك العربات لتتحول إلى شكل فني فتاك، وتمكن «داعش» من إنتاج مئات من تلك العربات المدرعة، وغالبا ما شحنها بمتفجرات ونشرها كعربات مفخخة.

وحققت تلك العربات المفخخة في شوارع الموصل إنجازات ملحوظة ضد القوات العراقية، إذ خرجت فجأة من مخابئ في شوارع الموصل، كان يُعتقد أنها آمنة وبعيدة عن الخطر.