كل إنسان لديه أسرار يخفيها، ولا يريد أن يعرف عنها أحد. هذه الأسرار قد نسميها خطايا، وبالتعريف الديني قد نسميها ذنوبا. وقد لا تكون خطايا ولا ذنوبا، وإنما كسر لأعراف وتقاليد. تبقى الأسرار موجودة في قلوب البشر، يحاولون أن ينسوها، يتجنبون ذكرها، يريدون مسحها، لكنها تبقى في جانب مظلم من القلب، لو لاح عليه ضوء بسيط وحركها توجع صاحبها وتؤلمه. نعم مزعجة هذه الأسرار لأننا نريد أن نكون ملائكة بلا أخطاء. قد يكون هذا دليل على أن الخير هو الأصل في الإنسان، وأن الشر دخيل على فطرته!
البهائية مثلا ترى أن الإنسان كائن كامل لا يخطئ مملوء بالحب والمودة، ولكن إذا ابتعد عن ضوء الله لم يستطع أن يلقى محبته. كذلك في الإسلام كلما ابتعدت عن الطريق المستقيم ابتعدت عن الله، وكلما زادت ذنوبك. مفهوم الذنوب في الإسلام يقابله مفهوم الخطايا في المسيحية، وفي كل من الإسلام والمسيحية يجب أن يتوب صاحبها بنية صادقة حتى يغفر له. الفرق الوحيد أن المسيحية تطلب الاعتراف بالخطيئة عند كاهن أو أسقف، أما في الإسلام فإن العبد يناجي ربه، ويطلب منه الغفران دون الاعتراف المباشر، وذلك لأن المسلم مؤمن بأن الله يعرف كل شيء، ولا حاجة إلى التصريح بذنب معين. إذًا هو أيضا نوع من الاعتراف، فالاعتراف يزيح هما ثقيلا عن كاهل الإنسان.
أحيانا يلجأ بعضهم إلى الاعتراف لغريب لا يعرفهم ولا يعرفونه، كل هذا هروب من النقد وإطلاق الأحكام عليهم، وحتى لا يستغل ذلك الاعتراف ضدهم.
ورغم كل ذلك تُصر الأسرار على الخروج، وتسعى للتحرر من الكبت، مهما كانت النتيجة والعواقب، طالما أن خروجها يريح الإنسان، ويخفف عنه خطاياه.