تسببت هجمات الحادي عشر من سبتمبر الجوية على مدينتي نيويورك وواشنطن، عام 2001، في زيادة الهوة بين الغرب والشرق، حيث استثمر الكثير من الأطراف ما حدث، ودُفع الإسلام إلى منحدر عميق داخل مفردات الوعي الغربي. ووجد المسلمون أنفسهم أمام حملة ضاربة وضارية، تستهدف الإسلام والعروبة، وتحاول التشهير بهما وتشويه صورتهما، إضافة إلى الحملات السياسية المشبوهة التي تحاول ابتزاز بعض الدول العربية، وبالأخص مصر والسعودية، من خلال هجوم إعلامي تدعمه بعض الدوائر المعادية في الولايات المتحدة. فقد أشار بعض المعلقين إلى أن أحداث سبتمبر كانت النهاية الحقيقية للحرب الباردة وبداية الصراع بين الغرب والعالم الإسلامي، إلا أن هذا الاستنتاج خاطئ لأن النزاع القائم مع بعض الدول الإسلامية لا يعتبر نزاعا عالميا.

كان التحول حينها عميقا ومؤثرا بعد أحداث 11 سبتمبر، بين الغرب والشرق، وما زلنا نعاني حتى هذه اللحظة من أضرار الهجمات التي كلفتنا نحن المسلمين العرب الكثير، وما زلنا ندفع فاتورة ما حدث الآن، وقد أقر تقرير مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية «كير» بأن غالبية المسلمين في الولايات المتحدة قد تحولت حياتهم إلى الأسوأ بعد أحداث 11 سبتمبر، فقد تعرضوا للتمييز والتصنيف العرقي والتفرقة والاستهداف بالمراقبة من قِبَل أجهزة الأمن الأميركي، والترهيب والتحرش وحتى القتل.

كما أكد تقرير آخر لصحيفة الجارديان البريطانية، تضمن نتائج لاستطلاعات الرأي في أوساط المسلمين في بريطانيا، أن 69% من عينة الاستطلاع يشعرون بأنهم على هامش الحياة اليومية؛ بينما تعرض نحو واحد من كل ثلاثة مسلمين إلى التعدي لكونه مسلما.

 ويرى بعض المسلمين بأن ضخامة ما حدث وحجم الاهتمام الإعلامي والسياسي به، يبرران تسليط الضوء على الجاليات المسلمة، وأن على الأخيرة المضي في التحدي، أي ينبغي أن تقف للدفاع عن حقوقها كجالية وحقوق وحريات أفرادها كمواطنين مقيمين. وهذه محاولات محدودة الأثر، والمؤشر الوحيد الملموس الذي يمكن أن يدعم رد فعل الجالية هو عدد المعتقلين من المسلمين والعرب الذين اعتقلوا بعد تلك الأحداث، في ظروف تشبه نهج الاعتقال الإداري المتّبع في غالبية البلدان العربية، والذي يتسم بالقمع والتعسف، والذين يبلغون آلاف الأفراد. إنني حتى الآن أنقل ما كتب في الصحف الأجنبية، عن هذا التحول العالمي من بعد الأحداث والتفجيرات في واشنطن ونيويورك، أما التحول الداخلي الذي حدث في المجتمع الخليجي والعربي، فهو دخول التقنية إلى عالمنا وهنا بدأنا الحرب الأخرى، فلم تعد أميركا أو إسرائيل بحاجة إلى الصراع معنا، فالصراع صار بيننا، وكل هذا بسبب سهولة توفر قنوات التواصل الاجتماعي المتعددة، لم نعد نحتاج إلى الإرهاب لكي تختلف قيمنا، أو حتى لنقل صراعنا الخاص إلى العام، كل ما على الغرب الآن مشاهدة ما يحدث من خلال مقاطع الفيديو التي يقوم بتصويرها الشعب، وبالتأكيد حينها سيتأكدون أنهم ليسوا بحاجة على الإطلاق للدخول فيما بيننا، وتفتيت روابطنا الإسلامية.

فبعد مرور أكثر من عشر أعوام على أحدث 11 سبتمبر، دخلنا إلى عالم مختلف وهو عالم التقنية الحديثة، وهنا بدأت حروبنا المحلية تظهر بشكل علني، وأنا أعتبر أن وجود قنوات التواصل الاجتماعي هو انتقال آخر للمجتمع الخليجي والعربي، ولو أن هذا الانتقال شكل فارقا واضحا في المجتمع الخليجي أكثر من المجتمع العربي، الذي احتمى بالفيسبوك وصمد أمامه، غير ملتفت لبقية قنوات التواصل، إذن علينا أن نعي أن الخليج لديه الآن نقلتين مهمتين، الأولى هي أحداث 11 سبتمبر، والثانية ثورة توفر وسائل التواصل الاجتماعي، وأود أن أتحدث اليوم عن الحرب التي أعلنتها الفنانة البحرينية هيفاء حسين قبل يومين عبر حساباتها في «تويتر» و»إنستجرام»، وكان قد سبق إعلان حرب الفنانة حروب أخرى هنا وهناك، وستأتي بعدها حروب أخرى، فقنوات التواصل الاجتماعي تسمح وتغذي وجود هذه الحروب، سواء الإيجابية منها أو السلبية، وهو ما نعتمد عليه إذا أردنا أن نقيم حربا ضروسا ضد أحد، لنعد إلى الفنانة هيفاء حسين التي وضعت وسما #يسقط_الجمال_ لما؟ ووسما آخر عنونته بـ#شي_يفشل، وبدت تدون تغريدات تتحدث فيها بلوعة وحزن شديد على المشهد الإعلامي وما يحدث فيه من خلال العاملين في هذا الوسط، حيث جاءت إحدى تغريداتها تقول فيها «تتجرد المشهورة من المسؤولية، وتبدأ تأثر على المجتمع تأثير سلبي بسلوكيات غير أخلاقية وغير مقبولة»، وقالت «الإعلام رسالة والمفروض نوصلها بطريقة لا تسيء للعادات والتقاليد التي تربينا عليها»، كما كتبت على حسابها «إنستجرام»، «أنصح كل بنت ما تتأثر باللي تشوفه على السوشل ميديا من صور وفيديوهات سيئة ومقززة لحريم وأمهات عيال، رخصوا بأعمارهم وطلعوا للناس بشكل سيئ لسمعتنا كخليجيين، ويشوه صورتهم أمام الجمهور والمتابعين، يا حرمة على الأقل احترمي عيالج اللي هم أول ناس يتفشلون من تصرفاتج التافهه، وإذا ما يمهمونج عيالج، فكري في الأطفال والبنات المراهقات اللي متابعينج، هل هذي سلوكيات تبين تأثرين فيها على الأجيال؟ أستغفر الله بس.. أنا فعلا مشمئزة من الفيديوهات المنتشرة لبعض اللي يسمون نفسهم مشاهير، وهم فعلا الأشهر في التعري والرخص ونشر الفساد، أتمنى من الإعلام وقف هذه  المهزلة والمرض اللي منتشر بيينا وشن حملات لتنظيف الساحة الفنية والإعلامية من بالأشكال».

بعد أن قرأت عددا من تغريدات الفنانة المحترمة، أدركت الآن أن الغرب قد أنفق أموالا طائلة لكي يحاول أن يغير الطبيعة الديموجرافية والسلطوية والأخلاقية في الخليج تحديدا، ولم يكن يعتقد أن الأمر بهذه البساطة، مجرد جوال فيه شاشة فيديو، وإعلاميات وغيرهن يقمن بأداء مقاطع مخلة بالأدب، ومن هنا نبدأ القفز للتغيير التالي، كما حدث مع 11 سبتمبر.