تعطي المؤشرات التي خرجت من إدارة ترمب مؤخرا أنها بدأت ترسم ملامح سياستها الخارجية وفق أفكار المؤسسة الجمهورية، لأن كل المؤشرات تدل على ذلك، في وقت غطت المندوبة الأميركية إلى الأمم المتحدة نيكي هالي على صوت وتحركات وزير الخارجية في الشؤون الخارجية.
قد يعود جزء من هذا التحول إلى أصوات من داخل الكونغرس، وعلى رأسها صوتا السيناتورين جون ماكين وليندسي غراهام، اللذين طالما نادا بالتدخل العسكري مرارا، لكنّه تحقق بعد قصف مطار الشعيرات.
من جهة أخرى، هنالك تغييرات شخصية على الطريق، فبعد أن أصبح ستيف بانون خارجا، بينما نيكي هالي دخلت إلى مجلس الأمن القومي. فالتعديلات التي طرأت على لجنة المسؤولين الأساسيين في الأمن القومي تقترح أن البيت الأبيض يتبنى هيكلية أكثر تقليدية في مداولات الأمن القومي، كما أن هنالك تناقضا حادا بين صعود هالي وما يفيد به كثر في الوسائل الإعلامية عن سقوط بانون.
إن هالي تبدو وكأنها تكسب مكانة داخل الإدارة وأمام الجمهور أيضا، حيث إنها غطت على وزير الخارجية كصوت ريادي في الشؤون الخارجية، وهو الأمر الذي يجعلها متموضعة بشكل مثالي لوراثة وزارة الخارجية.
قد لا تكون التطورات والبيانات الأخيرة في إدارة ترمب على صلة بما سبق، لكن تأثيرها الصافي قد يتجلى في إعادة التأكيد على التوافق حول سياسة واشنطن الخارجية بدلا مما ظهر أنه إلى الآن «تحول جوهري في استراتيجية الأمن القومي». فترمب دخل إلى السلطة هادفا إلى تحسين العلاقات مع موسكو على الرغم من اعتراضات العديد من الشخصيات البارزة في الإعلام ومؤسسات الرأي. كما أعطى الأولوية بداية لضرب داعش بدلا من اتباع سياسات أوباما في تقويض الأسد وداعش معاً.
كان على إدارة ترمب أن تقف في مواجهة الإعلام والديموقراطيين والصقور الجمهوريين ومؤسسات أخرى. أمّا بانون، بحسب ماكارثي، فشكّل اللاعب الأساسي في هذا الصراع، حيث برز كرئيس المنظرين لأميركا أولاً. وتم تعقيد التقارب مع روسيا من خلال التحقيقات في ما إذا كان مسؤولو حملة ترامب على صلة بمسؤولين روس.
إنّ التغييرات في لجنة الأمن القومي لا تعني بالضرورة نهاية المفكّرة السياسية التغييرية لترمب، لكنها مع ذلك، تُظهر الصعوبات التي ستواجهها عندما سينفّذ تلك المفكّرة، إما مسؤولون ذوو خبرة قليلة في الحكم، وإما أشخاص جعلتهم خبرتهم الكبيرة على درجة عالية من الكفاءة لكن مع تفكير تقليدي نسبياً.
دانيال ماكارثي
مجلة ناشيونال إنترست الأميركية