أعتبر نفسي أحد قراء الشاعرة التي أصبحت عضو مجلس شورى، الدكتورة أسماء الزهراني، بل الحقيقة كانت وما زالت أسماء أنموذجا لكل فتاة سعودية مستقلة صنعت ذاتها بنفسها، مع المحافظة على أدبها وأخلاقها، في وسط من المعروف أنه يدفع البعض فيه أنصاف المواهب بناء على الصورة الشخصية.
خلال جولتها في منطقة الباحة التقى بها مراسل «صحيفة الوطن» وسألها عدة أسئلة فأجابت عنها بوضوح، ومنها ما ردت عليه بقولها «إن قيادة المرأة للسيارة في الوقت الحالي تعدّ ترفا، فهناك ما هو أهم من قيادتها السيارة»، ثم أضافت «التوظيف هاجس، وقيادتها في ذيل أولوياتي»، لتشتعل بعدها مواقع التواصل الاجتماعي، والتي مستعدة دائما لمهاجمة ما يصرّح به أعضاء مجلس الشورى، أيا كان ما يقولونه.
أسماء بررت قولها بأنها تمثل نساءً ليس من أولوياتهن القيادة بل التوظيف.
حسنا، دعونا نتجاهل العلاقة بين تمكين المرأة من التوظيف، وحقها في سهولة التنقل بالمعايير الإسلامية التي تحرم الخلوة برجل أجنبي حتى لو كان موظف شركة كريم، ونتجاهل كذلك أنه لا علاقة تعارض بين قيادة السيارة والاهتمام بأطفال التوحد، وأن الدكتورة أسماء لا تحتاج أبدا وهي تقدم أولوياتها أن تقصي أولويات غيرها.
هل كل عضو في الشورى لديه مجموعة من السعوديين يمثلهم، أم هو يمثل كل القضايا العادلة؟ هل تظن الزهراني أنه بما أن فريقها لا يرغب في القيادة ويراه ترفا، لذا فإنها ملزمة بتقليل أهمية قضايا غيرهم، وتصفها بالترف؟.
إن الدكتورة أسماء معيّنة من الدولة لخدمة الجميع وليس فئة معينة قامت بانتخابها، لذا فهي تمثلهم في المجلس ولا تمثل غيرهم، وأظن أن هذا ما يجب إدراكه من جميع أعضاء مجلس الشورى، وليست الدكتورة فقط.
من ناحية أخرى، أود أن أشير إلى ملاحظة، هناك تخوف كبير من الخوض في قضايا كثيرة للمرأة، كقضايا التمكين، ومنها قضية قيادة السيارة، ترفض النساء المحافظات تبنيها للأسف الشديد، حتى لو أنها لا تمثل الدين، أعني عدم نيلها، مثل السفر بغير محرم وقيادة السيارة.
فقد قابلت داعية إسلامية معروفة تسافر من غير محرم مع شقيقتها، ومع ذلك لم أشاهدها أبدا عندما تثار قضية كهذه تناقش هذا الحق أو حتى ترفض إلزام المرأة بالمعرف في المحاكم وغيرها.
كذلك، لو لاحظنا الدكتورة أسماء الزهراني أعلنت أنها تستخدم كريم في التنقل، وهذا من المعروف أنه لا يتسق مع الضوابط الإسلامية التي تحرم خلوة المرأة بالرجل، لكنها أوحت للجميع باصطفافها مع الرافضين للقيادة عبر الادعاء بأنه ترف، وكما هو معروف هؤلاء يدّعون أن قيادة المرأة للسيارة مفسدة كبرى.
مما سبق، يتضح أن الأمر لا علاقة له بالمبادئ، وإنما هن مجموعة من النساء يجدن حرجا شديدا في تبني حقوق المرأة لأسباب أخرى لا أريد تعدادها، لكنني أوقن أن أسماء تعرفها وتعرف أيضا أن الإنسان يجب أن يتبع رضا الله عز وجل، ولا أظن أن رضاه سيكون أن يتبع الإنسان الأشخاص لا الحق.