هناك أوجه كثيرة لصلة الأرحام، حتى إن الشيخ عبدالله المطلق اعتبر «قروبات الواتساب» العائلية أحد وجوهها. لكني لم أسمع يوما بأن «توظيف الأقارب» بمؤهلات دون المطلوب هو من صلة الرحم، إنما ذلك بدعة أحدثها فاسدون لشرعنة توظيف أقاربهم بما يخالف الأنظمة!

وحتى وقت قصير، كنت أحسن الظن وأرى أن وجود أكثر من قريب في جهة عمل واحدة ليس سوى مصادفة، بل أرفض الشكوك حولها، وكثيرا ما كنت أتساءل في نفسي: هل يتوجب على المرء أن يزهد في وظيفة ما، لمجرد أن لديه قريبا قياديا في نفس تلك الدائرة؟!

لكن يبدو أنها «وسعت» أكثر مما ينبغي، إذ يتداول اتهامات منذ فترة وعلى نطاق واسع قوائم بأسماء أقارب لمسؤولين تم توظيفهم في وزارة واحدة، حتى إن المرء عندما يقرأ أحدها يظن بأنها «سجل أسرة» لذلك المسؤول. وليت الأمر يتوقف عند توظيف أقارب من الدرجة الأولى، إنما تجاوزه إلى بقية «الحمولة» والأنساب، وصولا إلى أقارب «المدام» ومن يعز عليها!

مشكلتنا مع هذا «الصنف» الجديد من صلة الرحم ليس في أصل توظيف أقاربهم، إنما بكونهم استغلوا نفوذهم ليحرموا بذلك من هو أحق بالوظيفة، مؤهل علمي أو خبرة وكفاءة.

اللافت أن الاتهامات بتوظيف الأقارب زادت بشكل ملحوظ، بعد إقرار مجلس الوزراء العام الماضي، مدونة «قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة»، وما نصت عليه إحدى فقرات المادة (19) المتعلقة بحالات «تعارض المصالح»، لتشمل وجود صلة قرابة حتى الدرجة «الرابعة» بين الموظف والشخص المرشح للحصول على وظيفة في جهته الوظيفية، متى كان التوظيف يعتمد على قرار أو رأي من الموظف العام.

يخبرني أحد الأصدقاء بأنه كان في مجموعة «واتساب» خاصة بالعمل، وبينهم عضو انضم إليهم مؤخرا، لكنهم لاحظوا أن معظم مشاركاته بعيدة عن مجال العمل، وتتمحور تحديدا حول صور للسيارات ونحو ذلك من اهتمامات المراهقين، ليفاجؤوا بعد فترة بأن ذلك «الدرباوي» ما هو إلا ابن مسؤول تنفيذي كبير تم توظيفه براتب خيالي!