كشفت تقارير روسية مؤخرا أن الحروب التي تضطلع بها القوات الروسية خارجيا على غرار أوكرانيا والأزمة السورية، أدت إلى تراجع أعداد المؤهلين للعمل ضمن الجيش الروسي، الأمر الذي دفع بسلطات البلاد إلى تجنيد مرتزقة للعمل ضمن بؤر التوتر لتعويض النقص الحاد في المجندين. وأوضح نشطاء اجتماعيون نقلا عن مصادر استخباراتية من داخل الأجهزة الأمنية الروسية، أن نقص المجندين الروس جراء مقتل عدد منهم في الحروب الخارجية دفع بالسلطات العسكرية إلى تغيير نطاق واستراتيجيات المهام العسكرية الروسية بشكل عام، وذلك بالاعتماد على مجندين أجانب، ومعاقبة الجنود النظاميين الرافضين للمشاركة في العمليات العسكرية الخارجية.
وأشارت المصادر إلى أنه في المراحل المبكرة من الصراعات الخارجية تم تعويض نقص الجنود النظاميين الأكفاء عبر الاستعانة بالقوات العسكرية الخاصة، وبعناصر أجهزة الاستخبارات الفيدرالية، إلى جانب وكالة الاستخبارات الخارجية، فيما ترى روسيا أن الاستعانة بالمجندين الأجانب عبر الاستعانة بشركات عسكرية للتوظيف يخفف الضغط على نقص الأفراد في الوكالات الأمنية والعسكرية داخل روسيا.
تعديلات قانونية
أوضحت التقارير أنه بعد تدخل روسيا في الصراع السوري عام 2015، وصل نحو 1500 مرتزق تابعين لإحدى الشركات الروسية الخاصة إلى جلب، مشيرة إلى وجود فروقات كبيرة بين المجندين المتطرفين الذين يقاتلون في بؤر التوتر وبين القوات الروسية المحترفة، وهو الأمر الذي تسعى فيه روسيا من أجل عدم إدماج أولئك المجندين في المراكز الحساسة بسبب عدم وضوح ولائهم بالشكل المطلوب.
يأتي ذلك، بعد تعديل الكرملين عام 2016، القانون الفيدرالي الروسي المختص بشأن الخدمة العسكرية، والذي يقضي بتسهيل تعاقد مواطنين مع الجيش الروسي، بهدف توسيع قاعدة المجندين المقاتلين، الأمر الذي رآه مراقبون أنه تعديل جذري في عقيدة القتال داخل الجيش، وسهولة إيجاد مجندين من أجل القيام بمهام عسكرية قصيرة الأجل تؤدي الغرض بشكل سريع، مثل الأزمة الأوكرانية أو السورية، بدلا من استنزاف القوات الاحتياطية أو الجنود المحترفين ضمن هيكلة الجيش الروسي النظامي.
أخطار حقيقية
بحسب خبراء عسكريين، فإن خطوة روسيا بتجنيد مرتزقة غير نظاميين في بؤر التوتر، يمكن أن تنعكس على الجيش الروسي النظامي، حيث قد يمتد الأمر إلى شن عدوان عسكري مفتوح مع الجيش النظامي، مشيرين إلى أن البطالة وتدني المستوى المعيشي، وانتشار القواعد الروسية في منطقة وسط آسيا والقوقاز، يمكن أن يساعد الروس في إيجاد المرتزقة المناسبين، خاصة أولئك الناطقين باللغة الروسية.
ويلفت الخبراء إلى أن الخطر الحقيقي في هذه الاستراتيجية قد يكمن في تجنيد العناصر الأجنبية الذين لا يظهرون الولاء الكامل للسلطات الروسية، وبالتالي قد يكونون عرضة لتجنيد المنظمات الإرهابية في بؤر التوتر والانسلاخ عن تقديم الولاء لروسيا.