فيما واصلت القوات التابعة لنظام بشار الأسد خرق الهدنة المتفق عليها في مفاوضات أستانة الأخيرة، وفق المبادرة الروسية، التي بدأ سريانها قبل يومين، تتكتم موسكو على التفاصيل. وأوضح خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، مكسيم سوتشكوف، أن المعارضة السورية لا تدعم المذكرة، لأنها تريد أن يشمل وقف التصعيد جميع أراضي سورية، مشيرا إلى أن هذا المطلب لا يمكن تحقيقه في الظروف الحالية، دون أن يوضِّح الأسباب. وأن فكرة وقف إطلاق النار في أربع مناطق معرضة للنسف من قبل جميع الأطراف، مرجعا ذلك إلى عدم توضيح المبادرة كيف ستعمل خطوط الفصل حول هذه المناطق، ومن الذي سيراقبها، إضافة إلى المشكلات السياسية والتقنية السابقة. وتشمل أكبر منطقة لخفض التوتر محافظة إدلب وأحياء مجاورة في محافظات حماة، وحلب، واللاذقية. وتقع المناطق الثلاث الأخرى في شمال محافظة حمص والغوطة الشرقية، وجنوبا على حدود الأردن.


تناقض موسكو

ذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن كيفية تنفيذ مواد المبادرة لا يزال غامضا، خاصة أن ممثلي المعارضة انتقدوها، لأنها لم تتحدث عن وحدة الأراضي السورية، ولفتت الصحيفة إلى أن المعارضة تصر على أن يشمل اتفاق وقف إطلاق النار أراضي كل المحافظات، وليس فقط المناطق الأربع المذكورة، كما ترفض دور إيران كدولة ضامنة لتنفيذ المذكرة. من جهة أخرى، تساءلت أوساط سياسية ودبلوماسية عن الهدف من إسراع موسكو بطرح مبادرتها الخاصة بإقامة 4 مناطق «منخفضة التصعيد»، بينما لم تتمكن موسكو من الالتزام بتعهداتها حول تثبيت الهدنة منذ 30 ديسمبر 2016، وإرغام قوات الأسد على التوقف عن قصف المدنيين والمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.


حذر أميركي

يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تتعامل بحذر مع مبادرة موسكو، لأنها تدرك أن روسيا، رغم وجودها العسكري في سورية، لا يمكنها أن تقوم بأي تسوية بمفردها، لذلك تريد فتح قنوات مع الطرف الأميركي للقفز على كل الأطراف الإقليمية الأخرى. ولكن هذا من شأنه أن يفجِّر علاقات الولايات المتحدة بحلفائها، ويشركها مع روسيا في تحويل الملف السوري إلى ملف سياسي، يساهم في تمديد فترة وجود الأسد في السلطة، ومنح إيران نفوذا، ليس فقط في سورية، وإنما في المنطقة ككل. وحسب المراقبين فإن روسيا تحاول وضع جميع الأطراف أمام الأمر الواقع، لأنها تعاني من نتائج وجودها العسكري هناك، وتواجه حملات إعلامية، وعقوبات.


غياب التنسيق

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن المبادرة تأخذ بعين الاعتبار المقترحات الأميركية السابقة بهذا الخصوص، إلا أن تقارير روسية أكدت عدم وجود أي تنسيق مباشر بين موسكو وواشنطن بشأن إعداد القترحات الروسية، مشددة على أنه ربما يكون الطرف الروسي قد أخذ بعين الاعتبار ملاحظات واشنطن بشأن إمكانية إقامة مناطق آمنة في سورية، خاصة وأن الرئيس ترمب أوعز إلى إدارته بإعداد خطة لإقامة مناطق آمنة خلال 90 يوما، ومن ثم فإن موسكو استغلت ذلك، لتعطي انطباعا بأن هناك تنسيقا مع واشنطن.