في عواصم الحضارة الغربية، شاهدت بنفسي طوابير البشر تصطف منذ منتصف الليل أمام متاجر «أبل». طوابير طويلة ممتدة. تنظمهم السياجات الحديدية، تحت مراقبة أفراد الشرطة. بعض الطابور نائم، بعضهم مُستلْقٍ. بعضهم يحمل حقيبته فوق ظهره، بعضهم يحتضن صديقته. الكل يمضي ساعات الليل الطويلة، انتظارا لافتتاح المتجر للفوز بنسخة من الإصدار الجديد!

وفي آخر جمعة من نوفمبر كل عام، تشهد على وجه التحديد المتاجر البريطانية الكبرى فوضى عارمة، وزحاما شديدا لاستغلال فترة التخفيضات. تتخلل هذا اليوم مشاجرات وعراك بين المتسوقين، وهو ما يستدعي تدخل الشرطة.

الذي أود قوله، إن تفاعل الناس في جميع دول العالم مع البضائع الجديدة من جانب، ومواسم التخفيضات من جانب آخر، ليس جديدا. ثقافة عالمية، ولا يستدعي تناوله على أنه سبق صحفي، أو نشره كـ«خبطة إعلامية»، وإبرازه بعناوين لافتة أو ساخرة!

لكن، يظهر أن قناة «روسيا اليوم» لا تدرك ذلك، لضعف خبرة محرريها، وقلة ممارستهم الصحافة. أو أنها تدرك ذلك، لكنها تبحث بالمجهر عن أي أخطاء أو سلوكيات في المجتمع السعودي!

هل لديكم احتمال ثالث؟!

بالأمس القريب، نشرت القناة مقطع فيديو لنساء وافدات من دولة إفريقية، يرتدين العباءة، يتزاحمن في أحد المتاجر السعودية، وسط صراخ وفوضى وتكسير لمحتويات المحل، وتقدمه تحت عنوان: «هستيريا وعراك التخفيضات في السعودية»!

أتحدث هنا من جانب مهني صرف. هل هذا الخبر يُصنّف سبقا صحفيا، حتى تطير به قناة «روسيا اليوم»، أم وراء «الكيبوردات» ما وراءها»؟!

على أي حال، الذي أرجوه من وزارة التجارة، أن تزيد من متابعتها مواسم وإعلانات التخفيضات. سواء من ناحية مصداقيتها، أو انسيابيتها ومرورها وضمان عدم حدوث مظاهر ربما تسيء إلى سمعة البلد، وتصبح صيدا لمن يبحثون عن الأخطاء في هذا البلد، ويضخمونها.

ما المانع مثلا من التنسيق مع الشرطة عند مواسم التخفيضات التي تنظمها المتاجر الكبرى، تماما كما يحدث في دول أخرى. حارس الأمن -السكيورتي- لا أحد يقيم له وزنا في متاجرنا.