طالعتنا بعض وسائل الإعلام عن موافقة مجلس الشورى بأغلبية الأعضاء على توصية بدراسة تقليص وقت الفارق بين الأذان والإقامة إلى خمس دقائق انسجاما مع المرحلة الاقتصادية الجديدة، ويبدو أن تقليص الفارق من أجل ألا يتعارض في نفس الوقت مع الإغلاق القسري للصلاة، وحينما اطلعت على الخبر تبادرت لذهني مقولة «ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنة»، فهذا الإغلاق القسري لم يعرف في الأزمنة الأولى ولم يشرعه الله ولا رسوله، ومن أجل الحفاظ عليه سيتم تقليص فترة الانتظار إلى خمس دقائق لتفوت مجموعة سنن بسببه، فمما سيفوت تكثير الناس في المساجد، فالاستعجال يؤدي إلى تفويت الصلاة على كثيرين لا يستطيعون المبادرة منذ سماع الأذان، خاصة المقيمين في المنازل التي ترتاد تلك المساجد، وزيادة استخدام السيارات لإدراك الصلاة، وتفويت بعض السنن التي تفعل بين الأذان والإقامة كالدعاء وانتظار الصلاة نفسها والسنة الراتبة وتحية المسجد، والتأخير المسنون لبعض الصلوات كالعشاء، والظهر للإبراد مع الحر الشديد، والفجر عند الإسفار في بعض المذاهب، فالتأخير المسنون وإن كان لا يحصل مع الثلث ساعة، لكنه أفضل لأنه جزء منه، وأيضا احتمالية الخطأ الواردة في دخول الوقت، فالانتظار لربع ساعة أو ثلث ساعة للتأكد من دخول الوقت، فكل هذه مخالفات محتملة من أجل هذا الإغلاق القسري المحدث والذي يجب إيقافه فورا، حيث بينت وبين كثير من طلبة العلم والمختصين عدم جدواه وأضراره، وأنه لا دليل عليه، ويبقى الأمر كما هو ببساطة الإسلام، فمن أراد الذهاب للمسجد يذهب ومن لم يرد لا يجبر على ذلك، ولم يأت مناصرو الإغلاق بأي دليل يذكر -أقصد القسري لا الذاتي- وأفضل ما لديهم حديث التحريق في صلاة الجماعة ليثبتوا به أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو الخلفاء الراشدين كانوا يجبرون على الإغلاق، مع أن المقصود به منافقون كما تقول الروايات، وأيضا هذا استدلال باللازم أو الفهم والحدث التاريخي لا يثبت باللازم، وإنما لا بد أن ينقل ولا يوجد أي نقل، خاصة أنه مما يشاع وينتشر، فضلا عن أن نفس الخبر عائم، فما معنى القريبة من المراكز التجارية وما هي المراكز التجارية؟ وإذا كانت محددة بالأسماء فما الفرق بينها وبين غير المحدد التي تحوي محلات تجارية كثيرة وذات ارتياد عالٍ أكثر من المراكز وخلفها مسجد في الحي السكني، وإن كانوا لا محالة فاعلين فليجعلوها جماعتين تقام وبينهما عشرون دقيقة مع الإلزام بالأولى منهما فقط.

إن على هيئة الأمر بالمعروف إن كانت تتنصل من إجبار الناس على الإغلاق أو منع البيع وقت الصلاة أن تبين بقرار يصدر منها أنها تحث الناس على أداء الجماعة، لكنها لا تلزم ولا تعاقب من لم يغلق، أو تبين الأدلة الشرعية الواضحة في المسألة ولا يكتفون بالقول إنها سياسة البلد أو ما جرى عليه العرف، فليس هناك سياسة في هذه المواضيع، ومن يستهجن بقاء المحلات مفتوحة والصلاة تقام فهذا أقرب لمنهج المعتزلة في التقبيح العقلي، حيث استقبحت عقولهم أن تبقى مفتوحة فحرموها، ولذا نقول دائما في هذه المسألة الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.