نقرأ ونسمع يومياً الكثير من وجهات النظر المتباينة، حول إشكالاتنا الفقهية والاجتماعية والتعليمية والرياضية، وردود الأفعال حولها، فمنهم من يتبع طريقاً متشنجاً في الطرح، ومنهم من يتبع أسلوباً ليناً.

أرى أنه إذا رغب أحدٌ في عرض فكرة ما، فإنه ينبغي له اختيار التعبير المناسب الذي يؤدي الغرض دون إثارة أو استفزاز لمشاعر الآخرين، أي أن يكون متنبهاً للعبارات التي سيستخدمها، إذ بإمكانه طرح وجهة نظره بكلمات يتقبلها الناس، سواء المتفق معه أو المختلف، وبإمكانه عرض رأيه بكلمات لا يستحسنها أحد، وقد تكون بغير قصد منه، ربما لأنه أخذه الحماس الزائد فتسرع في القول، أو كان معجباً برأيه حتى خيّل إليه أن الجميع سيلتفتون إليه إعجاباً به، فيُصدم حين يفاجأ باعتراض الجميع عليه، حتى المؤيدين منهم قد لا يتفقون معه، لا لرأيه، ولكن لطريقة عرضه؛ ولهذا نجد بعض الوعّاظ يعظون الناس في أمور صحيحة لكن الطريقة التي يتبعونها قد تكون خاطئة، وكذا الحال عند بعض الدعاة والمحتسبين والكتاب والمعلمين وغيرهم.

توجد أمثلة كثيرة يمكن الاستشهاد بها، خاصة تلك التي نالت قسطاً وافراً من ردود الأفعال، سواء على مستوى إعلامنا، أو على مستوى الإعلام العالمي، حتى ظننا أنهم أجمعوا على عدم التأييد بغض النظر عن الفكرة خطأ كانت أم صوابا.. لكنني سأستشهد بواحدة منها كمثال أصبح معروفاً عند الجميع، وهي ردود الأفعال على طريقة عرض الشيخ الدكتور يوسف الأحمد لرأيه حول توسعة الحرم المكي الشريف، حيث عرض فكرته بمفردات لم تنل القبول عند عامة الناس، في الوقت الذي كان يظن أنه سيحصد التأييد حصداً، بينما أضرّ به التعبير أكثر مما خدمه؛ فلو تحدث فقط عن الجوانب الهندسية التي قدمها كمبررات لتوسعة الحرم، بدلاً عن مبررات الاختلاط، لاستمع إليه الآخرون بهدوء سواء أكانوا مؤيدين أم معارضين، ولربما حصد الكثير من وجهات النظر الهادئة حول فكرته الهندسية، ولكن (خانه التعبير) كما خاننا عندما تحاملنا عليه في ردودنا بكلام قاس.

بيد أن رأياً مطروحاً أحسبه صحيحاً، وهو: عدم إقحام الدين لتبرير كل ما نريد فعله حتى لو أردنا نصب خيمة أو شراء حطباً... أرجو ألا أكون قد خانني التعبير.

قلتُ:

اجعل كلامك ليناً يتقبل الناسُ أخطاءك.