أسدل الستار على قضية أشغلت الرأي العام في نجران قبل 5 أعوام بإثبات إهمال طبي تسبب في وفاة فتاة عمرها 23 عاما بعد نقل الدم إليها في مستشفى الملك خالد، حيث أصدرت الهيئة الطبية الشرعية بالمنطقة أخيرا إدانة أحد الأطباء المشرفين على الحالة ودفع 50 % من الدية، وإسقاط النصف الآخر بعد ثبوت مغادرة المتوفاة للمستشفى لساعات على مسؤوليتها.


بداية القضية

تعود أحداث قضية وفاة المواطنة سعيدة المحامض إلى منتصف عام 1433، حيث أكد شقيقها هادي المحامض أن شقيقته أدخلت إلى مستشفى الملك خالد بنجران الحاصل حينها على شهادة الـJCI في الجودة -وهي شهادة تحتم المستشفى الذي يحملها أن تكون نسبة أخطاء نقل الدم لديه 0 %-، وذلك للعلاج من انخفاض مستوى الهيموجلوبين وتحتاج إلى نقل للدم.

وأضاف أنه بعد حقنها بالكيس الأول بدت عليها علامات تكسر في كريات الدم الحمراء وارتفاع كبير في عدد كريات الدم البيضاء، مما سبب اصفرارا في الجلد صاحبته حكة، كما أنها دخلت في نوبة استفراغ حادة عولجت بإعطائها حقنا لعلاج الغثيان، وهذا يدل على رفض الجسم للدم المنقول لأسباب عدة، واستمرت عملية نقل الدم دون مراقبة الحالة الإكلينيكية لمعرفة الأسباب كما هو متبع عادة في مثل هذه الحالة.

وبعد انتهاء عملية نقل الدم ومع سوء حالة الفتاة دخلت في حالة صدمة وطالبت ذويها بالخروج وبعد عدة ساعات عادت للطوارئ بحالة سيئة جدا، ثم أُدخلت على إثرها العناية المركزة وتوفيت في ذلك اليوم.



تفاعل الرأي العام

بعد وفاة المواطنة بدأت القضية تشغل الرأي العام وتعاطى معها الكثيرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وظهرت عدة تصريحات لإدارة المستشفى التي أكدت عدم وجود خطأ طبي أو إهمال، فيما شكلت صحة المنطقة لجنة للتحقيق التي بدورها أحالتها للهيئة الشرعية الصحية منذ ذلك الوقت. وظلت القضية في أدراج اللجنة وبقي الرأي العام مشغولا بها متعاطفا مع أسرتها ومطالبا بإنصاف المتضرر وفق الأنظمة والقوانين.


مقاضاة المغردين

على خلفية هذه القضية، أقيمت قضايا من صحة نجران ضد بعض من تناولوا القضية في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» من منظور طبي وقانوني، وأكدوا وجود إهمال يستحق مرتكبوه المحاسبة. وصدرت أحكام ابتدائية ضد المنتقدين لأكثر من 6 مرات، وفي كل مرة كانت الأحكام تنقض وتلغى من محكمة الاستئناف.

ورغم عدم وجود رئيس الهيئة الصحية الشرعية الذي غادر المنصب برفقة بعض الأعضاء، صدر قرار اللجنة الجديدة في أقل من شهر وبواقع جلستين فقط، وذلك بإثبات الخطأ الطبي والحكم على أحد الأطباء المشرفين على الحالة بدفع 50 % من الدية وإسقاط النصف الآخر لأن المتوفاة غادرت المستشفى على مسؤوليتها آنذاك.

وبحسب رأي الخبير الاستشاري الدكتور عبدالرحمن الشهري في جلسة الإثنين الموافق 18/‏ 7/‏ 1438، فقد أكد في تقريره أن: «ما حدث للمريضة هو خطأ طبي لا جدال فيه ناتج عن مشكلة في نقل الدم إليها، أما ما ادعاه الفريق المعالج بوجود التهاب كبدي في اليوم التالي لنقل الدم فلا يوجد دليل على ذلك، فقد كانت المريضة تعاني من فقر الدم فقط». وأشار الشهري إلى أن خروج المريضة من المستشفى لا يعفي المنشأة من الاعتراف بحدوث الخطأ الطبي.


استئناف القرار

علمت «الوطن» من مصادر مطلعة أن أطراف القضية أبدت عدم قناعتها بالقرار وأنها بصدد الاستئناف. وقال شقيق المتوفاة هادي المحامض إن خروج المتوفاة على مسؤوليتها كان نتيجة ما ذكره لها الطبيب ذلك اليوم بأنها ستغادر فور انتهاء نقل الدم، حيث إنها لا تعاني من أي مشاكل سوى انخفاض الهيموجلوبين. وطالب بمحاسبة من تسبب في تأخير البت في القضية طوال هذه السنوات، وكذلك ارتكاب أخطاء إدارية وإجرائية في التعامل مع قضية المتوفاة كرفض تسليم الملف الطبي إلى لجنة التحقيق إلا بعد مضي شهر من وفاتها، وأيضا السماح لبعض أفراد الطاقم الطبي بالسفر وقت الدعوى المقامة ضدهم آنذاك، مما تسبب في تأخر التحقيق لعدة أشهر.