محمود مدخلي



تظل البيئة وشؤونها من القضايا التي تجد اهتماماً عالمياً، كيف لا وهي المصير المشترك لجميع دول العالم، فحريق في الهند ستجد آثاره في الخليج العربي، وتسرب النفط لناقلة بترول في خليج المكسيك سيحدث ضرراً بيئياً ستصل آثاره إلى كثير من دول العالم، لذا ولمعالجة المشاكل البيئية المختلفة أقيمت المؤتمرات والاجتماعات للسيطرة على كل ما يضر بالبيئة في كوكبنا الذي نعيش فيه، وبدأ هذا الاهتمام بأول مؤتمر للبيئة عقد في مدينة استكهولم بالسويد عام 1972 تحت شعار «نحن لا نملك إلا كرة أرضية واحدة»، كانت فيه الدعوة إلى المحافظة على البيئة وتنميتها وتفعيل التربية البيئية ومكافحة كل أشكال الاستغلال البشع لموارد الأرض الطبيعية التي تؤدي إلى إتلاف الثروات وانتشار السموم البيئية وزيادة جميع أشكال التلوث في التربة والماء والهواء.

 وكذا مشاكل النفايات والتصحر واضطراب المناخ، ومنه الاحتباس الحراري، مما أسهم في الاتفاق على برنامج موحد متخصص في قضايا البيئة سمي ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة BNUE، تلته عدة مؤتمرات واتفاقيات تصب في مصلحة البيئة، وآخر ذلك المؤتمر الذي عقد في باريس 2016، وشارك فيه قادة أكثر من 170 دولة ورؤساء الحكومات، ووضعت فيه اتفاقية مكافحة «تغير المناخ»، ووقف ارتفاع درجة حرارة الأرض الذي تثير عواقبه قلقاً متزايداً لدى المهتمين ولضمان كوكب صحي للأجيال القادمة.

ومن الاهتمام العالمي بالبيئة تأسيس برنامج GLOBE الدولي للبحث العلمي البيئي لطلبة المدارس والذي اقترحه نائب الرئيس الأميركي آل جور، ويهدف إلى إيجاد فريق بحثي بمدارس العالم مكون من طلبة ومعلمين بالتعاون مع وزارة الخارجية الأميركية والوكالات الأميركية المهتمة بالبيئة كوكالة الفضاء (ناسا)، حيث يشترك في هذا البرنامج أكثر من 100 دولة و1200 مدرسة، يسهم فيه أكثر من مليون طالب و20000 معلم في مختلف أنحاء العالم، وبلغت المدارس المشاركة من مملكتنا الحبيبة أكثر من 70 مدرسة.

كان للشارع الحكيم اهتمام كبير بهذا الأمر، وبتفاصيل دقيقة تجعل المسلم أنموذجاً للمواطن الصالح في آيات وأحاديث لا يتسع المجال لذكرها، واعتبر هذا الدين الحنيف الإضرار بالبيئة نوعا من الإفساد في الأرض، قال تعالى (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ)، كما اعتبر العناية بالبيئة شعبة من شعب الإيمان، أدناها إماطة الأذى عن الطريق.