قد يبدو خبر انتحار أول طفل سعودي والبالغ من العمر 13سنة بسبب لعبة «الحوت الأزرق» ليس على قدر من الأهمية والخطورة كما يعتقد البعض، والذين يصعب عليهم تصديق أن هذه اللعبة مهمتها غسل أدمغة المراهقين والكبار، واللعبة عبارة عن مجموعة من التحديات والتي تنتهي بتحدي الانتحار.

وتعد لعبة «الحوت الأزرق» من أخطر الألعاب الإلكترونية في الوقت الحالي، تبدأ بالتسجيل فيها عبر المواقع الإلكترونية، وتمر بعدة مراحل، تنتهي المرحلة الأخيرة منها بانتحار المتسابق، بحيث تقوده في نهاية الأمر بلا وعي إلى أن يقتل نفسه بأن تطلب من لاعبيها الانتحار لإنهاء اللعبة كمهمة أخيرة مطلوبة منه وعليه إتمامها.

ما يحدث هو غسل مخ تحديداً، وهو أمر بالغ الخطورة، حيث لا يعي الكثير معنى غسيل المخ، وهو أسلوب نفسي وعقلي يهدف إلى توجيه الأفكار، وتشكيل معتقدات جديدة، وتغيير السلوكيات على نحو مُوَجه.

مخترع اللعبة الروسي فيليب بوديكين 21 عاماً والمعتقل في نوفمبر الماضي بعد أن تسببت لعبة الحوت الأزرق «بلو ويل» في انتحار عدد من الأشخاص في روسيا صرح برأيه في التحقيقات الرسمية بأنه يجد أن ضحاياه

كانوا مجرد «نفايات بيولوجية»، وأنهم كانوا سعداء بالموت، وأن ذلك كان لتطهير المجتمع.

إن لعبة «الحوت الأزرق» أو الموت على شكل لعبة متاحة تماماً، ويمكن لكل الأشخاص والأطفال الوصول إليها بسهولة بالغة وممارسة الموت أو حتى الاضطراب العقلي بدون أية رقابة أو أدنى اهتمام.

تستدعي مجانية هذه اللعبة وانتشارها حكاية «لعبة البوكيمون» قبل عدة سنوات، حيث أصبحت حديث الساعة، وليس هذا فحسب، بل هبت كل الجهات المعنية في المدارس وفي منافذ البيع وفي الإعلام وبكل وسيلة ممكنة ولا أبالغ إن قلت إنه حتى في الخطب بالمساجد والمنشورات الدينية تم الوقوف بعنف لمنعها وحظرها في الوقت الذي لا تسبب فيه لعبة البوكيمون الموت ولا تحتوي على أية عنف أو إيذاء للنفس والعقل من أي نوع باستثناء أن التفكير المهووس بنظرية المؤامرة على الفكر، أسقط عليها إسقاطات تخيليه بأنها تعزز نظرية التطور هذا كل شيء.

أتساءل اليوم أين هي الفرق المجندة التي لاحقت ألعاب الأطفال بكل طريقة، وجندت كافة الوسائل الإعلامية والتجارية لأجل منعها؟

أين هي رقابة وزارة الثقافة والإعلام والتي من بنودها في سياسة حجب المواقع حجب كل ما يتعلق بالعقائد والتوجهات والأخبار السياسية ومواقع ألعاب القمار ومواقع اليانصيب والسحر وحجب مواقع التورنت والتحميل التي تنتهك حقوق الملكية الفكرية. الصفحة الزرقاء التي تقف شامخة أمام ما يمس الأفكار لا تقف صارمة أمام ما يمس الأرواح ولا تعطي اهتماما للألعاب والبرامج التي تعلم وتصعد حب الانتقام لدى الأفراد أو إيذاء أنفسهم أو الآخرين.

إن رقابة أولياء الأمور والأسرة لم تعد كافية ولا ذات جدوى لمنعهم من الدخول على الإنترنت والبحث عن هذه المواقع، فمن الصعب السيطرة على فضاء مفتوح ومتاح على مدار الساعة، وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات والمجتمع والجنود المجندون الذين يكرسون وقتهم ونشاطهم لتتبع ما يمس المجتمع أولئك الذين يهبون إلى تجمعات تتجه للجهات المسؤولة لمنع فكرة حقوقية أو نشاط ترفيهي، وتضج مواقعهم ومنابرهم بالحديث عنها والتحذير منها، بينما يمر عليهم خبر مثل انتحار طفل أو طفلة بسبب لعبة الموت وغيرها من الأخطار القاتلة في فضاء الإنترنت مرورا عابراً. هذه الجهات المعنية مطالبة وبشكل دقيق وصارم بمنع وحظر هذه الألعاب الخطرة وكل ما يمس حياة الإنسان العقلية والجسدية.