أولهم طبعا، من يقتحم عزلتك الخضراء المورقة بعصافير التأمل، إذ يخرج إليك من ثقب الرسائل الجماعية في برنامج واتس، يقول: «أخي الحبيب، خروجك من رمضان لا يعني خروجك من الإسلام»، طبعا هو متأكد من نفسه أنه على أبواب الجنة، وإنما محبته لنا، جعلته يرمي علينا نصيحته من أعلى، على اعتبار أننا دائما أسفل منه.

رقم 2 من الصحويين الجدد والغدد، يرفض أن يأتيك من مدخل النصائح والتوجيهات، فتلك موضة الصحويين القدامى، ولا تعتقد أن رفضه باب النصيحة، سيعفيك من إدخال أنفه في حياتك ومماتك، ولهذا فهو يدخل إلى

عزلتك من هنااااااك، من باب الأحداث السياسية الساخنة، إذ يرسل إليك نصيحة تحذيرية مفادها، ألا تشارك في أيّ رأي يخص أزمة سورية، فالجماعات المتصارعة هناك، حجبت عنه رؤية الحق، طبعا هو من يرى، أما نحن المستقبلين رسائله، مجموعة عميان، ما زالوا في غيّهم يعمهون.

الثالث لطيف قليلا، أو هو أخف دما وطينة من 1 و2، ولهذا فهو لن يخترق عزلتك التي لم تعد عزلة، بعد أن

دخلوا من نوافذها وأبوابها، ولن يرسل إليك رسالة واتساب، لكنه سيلقاك مبتسما في «تويتر»، بعد أن يكون قد غرّد بلزوم لعن الشيعة نهارا وليلا، ثم يعرّج على موضوع الضريبة الانتقائية، ويحاول أن يقنعك أن هذه الضريبة المعروفة عالميا، هي من نتائج عصيان الناس لله، وأن ارتفاع سعر البيبسي سببه انشغال المسلمين وبُعدهم عن خالقهم عز وجل، طبعا هو مثل رقم 1 و2، قريبين من الله، وكلهم على حق وبيّنة، بينما أنا وأنت من سقط المتاع، قد لا ينتبه إلينا أحد لو سقطنا فجأة على الأرض، والأرض أرضهم، والسماء سماؤهم.