أعرف أن هذا المقال سيغضب سمو الأمير محمد بن نواف سفيرنا في بريطانيا مني، لكنني أعترف لست مثل
نزار قباني أبقي قلمي مقفلا في حضرة الجمال، لذا عبارته التي يقولها دائما لي «هذا الأمر ليس للإعلام يا عزة»،
سأعتبره يستثني منها مقالاتي البسيطة الضعيفة جدا أمام إغراء الكتابة عن العطاء والوفاء.
ثم إنني كنت شاهدا على الكثير من المواقف التي تلزمني كمتخصصة في الأدائية أن أشير إليها في مقالاتي من
باب الأمانة العلمية، وإلقاء الضوء على تميز المملكة ورجالها في مواقف إنسانية ودبلوماسية حقيقية يستحق القارئ السعودي والمقيم بيننا أن يعرفها.
آخر هذه المواقف هو وفاة بريطاني عربي عمل في إحدى ملحقيات المملكة لأكثر من 27 عاما، وعانت أسرته في إجراءات دفنه، وأجبرتهم عزة أنفسهم على عدم التواصل مع الناس الذين أفنى شبابه يعمل لهم، ولكن لأن حسن الوفاء من الإيمان، ولأنني أحد من ساعدهم هذا الرجل وأكرمهم بطيبة وجدتني أتواصل مع السفارة التي في ظرف ساعات حلت مشكلتهم تماما، ليقف ابن المتوفى -رحمه الله- في العزاء ليرد على كل من سأله إن كان يحتاج لشيء بقوله «لقد تكفلت السفارة السعودية بكل شيء».
هذا الموقف الإنساني العظيم هو واحد من عشرات المواقف التي يقوم بها محمد بن نواف وفريقه هنا، والتي استفاد منها سعوديون ومسلمون جعلت مبنى السفارة في تشارلز ستريت في لندن وطنا سعوديا مسلما صغيرا يفتح أبوابه لصلاة الجمعة والغداء والتواصل لكل صاحب حاجة أو مشكلة من الطلاب والرعايا السعوديين ليتم حل مشاكلهم بأدنى درجة من الخسائر، وهذا ربما سبب ندرة نشر الصحف البريطانية القضايا التي يتورط بها السعوديون رغم وجودها، لكن سمو الأمير السفير وفريقه يقومون بحلها بالحكمة النبوية «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان».
للسفير مقالاته الهادئة والمميزة في الصحافة البريطانية، وأوقن أن مع الحملات التي يديرها بعض أصحاب منافع الإضرار بالمملكة كان لتلك الأدوار الدبلوماسية دورها المميز، والتي تجبرنا من باب الوفاء لهذا الرجل على أن نشير لقيادته العظيمة وإنسانيته باذخة الجمال.